.. وهكذا فبالموازنة الشرعية السابقة بين المصالح والمفاسد الناتجة من إجراء الفحوصات الجينية ظهر لي عدم جواز إلزام المكلفين مالياً ونفسياً واجتماعياً بهذه الفحوصات التي لازالت في حيز التجربة الظنية، ويترتب عليها من المشاكل الاجتماعية والمالية والنفسية أعظم مما يمكن توقع حصوله من الفائدة، ولو أردنا السعي وراء المكتشفات والتوقعات الطبية من غير تَرَوٍّ وتبصرٍ لأدخلنا الناس في حرج عظيم، وفتحنا عليهم مجالاً كبيراً لإهدار الوقت والمال والعقل، فأرى الاكتفاء بجواز الاستفادة من هذه الفحوصات ضمن الحدود المتقدمة في هذا البحث إلى أن يظهر أمر جديد في هذه النازلة فيحدث له حكم بحدوثها.
... هذا وإن هذه النازلة الفقهية لا تزال بحاجة إلى المزيد من الدراسات والبحوث ومتابعة المعطيات الطبية المستجدة في مجال طرق الإرشاد ووسائله حتى نصل للحكم الشرعي الصحيح المتفق مع الأدلة الشرعية، وأرجو أن أكون وفقت في تقديم ما يخدم هذا الاتجاه في الندوة.
... على أن ما قدمته من رأي لا يعد نتيجة نهائية أو حكماً فصلاً، بل هو قول قابل للنقاش والأخذ والرد والرجوع عنه إن وجد الأقوى منه، والمبني على الدليل الشرعي.
... وختاماً.. ما أصبت فيه فمن الله هو المان وحده، وما أخطأت فيه فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء.
... والله أعلم وأحكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الحواشي والتعليقات
(١) ... المدخل الفقهي العام، مصطفى أحمد الزرقا، الطبعة العاشرة، (دمشق: مطبعة طربين، عام ١٣٨٧) . ٢/٩٢٤.
(٢) ... انظر: فقه التدين فهماً وتنزيلاً، د. عبد المجيد النجار، الطبعة الأولى، كتاب الأمة، (قطر: مطابع مؤسسة الخليج للنشر والطباعة، محرم ١٤١٠) ، ٢/٨٣-٨٩ بتصرف.