أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل العقل مناط التكليف، كما أشار إلى ذلك بقوله:(رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ الحنث (١) وعن المجنون حتى يفيق) (٢) .
أن الحق تبارك وتعالى جعله وسيلة التدبر والتفكر لما في هذا الكون من بديع الخلق وإتقان الصُّنْع، وليس أدلَّ على ذلك من قوله سبحانه:(قل انظروا ماذا في السموات والأرض) . (٣) وقوله سبحانه: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت)(٤) .
كما جعل الحق تبارك وتعالى العقل وسيلة التدبر لكتابه الكريم، فقال سبحانه:(أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً)(٥) .
وقال سبحانه:(أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)(٦) .
وكثيراً ما يختم الحق تبارك وتعالى آيات ذِكْره الحكيم بقوله:(أفلا تعقلون)(٧) . ليبين سبحانه لعباده أنهم لو وظفوا عقولهم التوظيف الصحيح بالتفكر في حالهم ومآلهم لأرشدتهم عقولهم بتوفيق الله تبارك وتعالى إلى معرفة الحق وسلوك الطريق المستقيم.
٥- ولحماية العقل من الانحسار والجمود فقد نعى القرآن الكريم على أولئك المقَلّدين بلا هُدى تعطيل عقولهم تقديساً لما جرت عليه عادات الآباء والعشائر والأقوام، ومن ذلك قوله سبحانه:(وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون)(٨) .
وقوله سبحانه:(وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون)(٩) .