للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن خلال هذا التناسب تتضح لنا أهمية العقل الكبرى في حياة الإنسان، وأنه نعمة عظيمة من نعم الله تبارك وتعالى على عباده جديرة بالحفظ والرعاية حتى يسير ذلك العقل في مساره الصحيح الذي رسمه له المولى الكريم دون حَيْدَةٍ عن الجادَّة أو انحراف عن الصراط المستقيم.

المبحث الثاني: محل العقل

وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: أقوال الأصوليين في ذلك

اختلف الأصوليون في المحل الذي يستقر فيه العقل على ثلاثة أقوال:

القول الأول: محل العقل هو القلب.

... ... وإلى هذا القول ذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة (١) .

القول الثاني: محل العقل هو الرأس.

وهذا القول منسوب إلى الحنفية، ونسبه الباجي إلى الإمام أبي حنيفة، وهو المشهور عن الإمام أحمد (٢)) .

وفي تعميم نِسْبَة هذا القول إلى الحنفية رحمهم الله تعالى نَظَر، وذلك أنَّ مِن الحنفية مَنْ صَرَّح بأن العقل نور في القلب ومنهم فخر الإسلام البزدوي رحمه الله تعالى حيث قال:

(أما العقل فنور يضيء به طريق يُبْتَدَأ به من حيثُ يَنْتَهي إليه دَرْكُ الحواس، فيبتدىء المطلوب للقلب فُيدْركه القلب يتأمّله بتوفيق الله تعالى) (٣) .

وكذلك السرخسي رحمه الله تعالى حيث عرف العقل بأنه " نور في الصدر" (٤) .

والصدر يحوي القلب لا الرأس.

وعليه فالقائل بذلك بعضهم وليس جميعهم.

القول الثالث: محل العقل هو القلب، وله اتصال بالدماغ.

وهذا القول منسوب إلى أبي الحسن التميمي (٥) وغيره من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله تعالى (٦) .

المطلب الثاني: الأدلة، والمناقشات

أولاً: أدلة القول الأول:

استدل القائلون بأن العقل في القلب بالأدلة الآتية:

الدليل الأول:

قول الحق تبارك وتعالى: (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) (٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>