للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قصدوا به أن العقل طريق لإثبات ذلك بدلالة الشرع وهدايته فذاك حق لا جدال فيه، وهذا ما ترجمه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بقوله: (واعلم أن عامة مسائل أصول الدين الكبار مثل الإقرار بوجود الخالق وبوحدانيته وعلمه وقدرته ومشيئته وعظمته، والإقرار بالثواب، وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك مما يعلم بالعقل وقد دل الشارع على أدلته العقلية، وهذه الأصول التي يسميها أهل الكلام العقليات وهي ما تعلم بالشرع، لا أعني بمجرد إخباره فإن ذلك لا يفيد العلم إلا بعد العلم بصدق المخبر، فالعلم بها من هذا الوجه موقوف على ما يعلم بالعقل من الإقرار بالربوبية وبالرسالة، وإنما أعني بدلالته وهدايته، كما أن ما يتعلمه المتعلمون ببيان المعلمين وتصنيف المصنفين إنما هو لما بينوه للعقول من الأدلة، فهذا موضع يجب التفطن له، فإن كثيراً من الغالطين من متكلم ومحدث ومتفقه وعامي وغيرهم يظن أن العلم المستفاد من الشرع إنما هو لمجرد إخباره تصديقاً له فقط، وليس كذلك، بل يستفاد منه بالدلالة والتنبيه والإرشاد جميع ما يمكن ذلك فيه من علم الدين) ((١)) .

أما ما قرروه في السمة الثانية التي تجعل استحقاق الثواب والعقاب مدركاً عقلياً فهو بعينه إحدى السمات التي ظهر بها تقديس المعتزلة للعقل، وقد سبق جواب ذلك، والإحالة إليه هناك أولى من ذكره هنا خشية الإطالة والتكرار ((٢)) .

المبحث التاسع: العقل عند السلف الصالح

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: استعراض موقفهم من العقل

بَّين شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى موقف السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم من العقل وأهم ملامح هذا البيان يتجلى في أربع سمات:

السمة الأولى:

... (أن العقل عندهم يحسَّن ويقبَّح) :

<<  <  ج: ص:  >  >>