للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. وكما في قوله تعالى: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} (٦٧) ، والمراد: صاحب الناصية (٦٨) ، والله أعلم.

... وأما قوله تعالى: {جدارا يريد أن ينقض} فلا مجاز فيه من وجهين:

... أحدهما: أن المراد بالإرادة هنا إرادة حقيقية، لأن للجمادات إرادة حقيقية، لا نعلمها، وإنما يعلمها الله عز وجل ومما يؤيد ذلك سلام الحجر على الرسول ((٦٩) ، وحنين الجذع الذي كان يخطب عليه لما تحول عنه إلى المنبر (٧٠) ، وهذا كله ناشئ عن إرادة يعلمها الله تعالى وإن لم نعلمها، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} (٧١) . وأمثال ذلك كثير في الكتاب والسنة.

... الثاني: أن الإرادة تطلق على معان عدة، منها: المعنى اللغوي المعروف، ومنها: مقاربة الشئ، والميل إليه فيكون معنى إرادة الجدار ميله إلى السقوط، وقربه منه، وهذا أسلوب عربي معروف، وبه ينتفي ادعاء المجاز في الآية (٧٢) .

وأما قوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ} (٧٣) فلا مجاز فيه كذلك، بل هو من إطلاق اسم المحل على الحال فيه وعكسه، وهذا أسلوب من أساليب العربية المشهورة، وكلاهما حقيقة في محله (٧٤) . كما سبق نظيره في القرية، والنهر ونحوها.

... فحاصل الجواب على هذه الأمثلة التي ادعي فيها المجاز أن يقال: إن ذلك أسلوب من أساليب العرب على حقيقته.

... وقد استدل المانعون لوجود المجاز في اللغة والقرآن، بأدلة كثيرة، وناقشوا أدلة المجيزين بمناقشات طويلة وبينوا ما يلزم على القول بالمجاز من لوازم كثيرة.

... وقد كان من رواد هذا القول، والمتصدين لمخالفيه شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله، فقد تكلم عنه في مواضع متعددة، وشنع على القائلين به، ودحض حججهم (٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>