للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. ونحو ذلك مما تقدم عند أدلة المانعين، ومناقشتهم للمجيزين فيصار إلى القول بأن ما سموه بالمجاز يسمى أسلوبا من أساليب العرب المشهورة، التي درجت عليها وعرفت عنها، فالحاصل أن الراجح هو التفصيل والقول بجواز المجاز بالضوابط الشرعية، فما يتعلق بالاعتقاد والصفات وكلام الله فلا مجاز فيه بل كله حقيقة، أما المجاز فيما دون ذلك فأمره يسير بحمد الله.

المبحث الثالث: هل للخلاف في المجاز ثمرة؟

بعد عرض الخلاف في المسألة ظهر لي أن الخلاف بين المانعين والمجيزين خلاف حقيقي ليس لفظيا وإن لم يترتب عليه كبير فائدة في الفروع بشرط ألا يتخذ القول بالمجاز ذريعة لتعطيل شئ مما جاء به الشرع.

فالأمثلة السابقة المضروبة لهذه المسألة، يطلق عليها المجيزون مجازا ويطلق عليها المانعون أساليب عربية، تكلمت بها العرب، وهي حقيقة في معناها، لا تجوز فيها.

ولهذا فقد أنكر المانعون كون الخلاف لفظيا (٨٤) ، لأنهم لم يسلموا أصلا بصحة التقسيم.

قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: "وتقسيم اللغة إلى حقيقة ومجاز تقسيم مبتدع، محدث لم ينطق به السلف، والخلف فيه على قولين وليس النزاع فيه لفظيا، بل يقال: نفس هذا التقسيم باطل، لا يتميز هذا عن هذا ... " (٨٥) .

... ومن أثبت صحة التقسيم نفى أن يكون هناك ثمرة عملية لهذا الخلاف وإنما ينحصر الخلاف في العبارة، والتسمية.

... قال ابن قدامه (٨٦) رحمه الله بعد إثباته المجاز وتمثيله له: "ومن منع فقد كابر، ومن سلم وقال لا أسميه مجازا، فهو نزاع في عبارة، لا فائدة في المشاحنة فيه، والله أعلم" (٨٧) .

... قال الشارح (٨٨) معلقا على كلام ابن قدامه هذا بعد أن ذكر المانعين:

<<  <  ج: ص:  >  >>