ودفع هذا النصر المؤزر الرشيد أن يرسل عبد الملك بن صالح في نفس السنة ١٨١هـ / ٧٩٧م على رأس صائفة إلى شمال أرض الروم (١) ، وفتح الله على أيديهم أنقرة (٢) ومطمورة (٣) كما غزا منطقة مالاجينا - قرب مطمورة - وغنم منها خيولاً ومعدات حربية، وعزز المسلمون هذا النصر بنصر آخر حين أرسل الرشيد عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح سنة ١٨٢هـ / ٧٩٨م على رأس صائفة توغلت في أرض الروم ودار بينها وبين البيزنطيين - وقائدهم بول Paul - معركة قوية انتصر المسلمون فيها وغنموا وزحفوا إلى أفسوس (٤) ، وانتصروا - أيضاً - وغنموا ثم عادوا (٥) بعد أن أسروا سبعة آلاف بيزنطي (٦) .
ويظهر أن هذه الصائفة أفزعت الإمبراطورة إيريني، وجعلتها تدفع جزية مقدارها تسعين ألف دينار؛ لخوفها على عرشها من السقوط (٧) ، وعاد الجيش الإسلامي إلى الشام بعد أن أبلى بلاءً حسناً في قتاله للروم.
والحقيقة أن مقاومة البيزنطيين للصوائف والشواتي كانت ضعيفة جدّاً؛ لأن الإمبراطورية البيزنطية تعاني من اضطرابات داخلية، وأهمها الخلاف الذي دار بين إيريني وبين ابنها قسطنطين حول مطالبتها ببقاء الوضع على ما كان عليه – الوصاية على ابنها – ليصبح تحت سلطانها.