أولاً: حرص القاسم بن الرشيد على استعادة أسرى المسلمين الذين وقعوا في قبضة العدو البيزنطي أثناء غزوة عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح سنة ١٨٢هـ / ٧٩٨م؛ لأنها توغلت في أرض الروم حتى بلغت أفسوس، وكان لاستراتيجية بيزنطة الدفاعية في مواجهة المسلمين دور في ذلك، فكانت تضع عصابات الروم في الممرات الجبلية لتعترض المسلمين أثناء عودتهم محملين بالغنائم وتهاجمهم (١) ، وقد فهم نقفور رغبة القاسم منذ قدومه بلاده، ولذلك بادر إلى إطلاق سراح الأسرى مقابل أن يرحلوا عن بلادهم.
ثانياً: شدة حصار المسلمين للروم، مما دفعهم إلى طلب النجدة من نقفور وهذا يفهم من قول ابن الأثير ((فحصر العباس بن جعفر حصن سنان حتى جهد أهلها (تعبوا) فبعث إليه الروم ثلاثمائة وعشرين أسيراً من المسلمين على أن يرحل عنهم، فأجابهم ورحل عنهم صلحاً)) (٢) .
وفي نفس السنة أيضاً (سنة ١٨٧هـ / ٨٠٢م – نهاية شعبان) كتب نقفور إلى الرشيد: ((من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب؛ أما بعد؛ فإن الملكة التي كانت قبلي. . . حملت إليك من أموالها ما كنت حقيقاً بحمل أمثالها إليها لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن؛ فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك بما يقع به المصادرة لك وإلاّ فالسيف بيننا وبينك)) (٣) .
اعتمد كتاب نقفور على محاور ثلاثة:
الأول: الترضية للرشيد والاعتراف بمكانته الحقيقية على العرب وأنه ملك العرب، ليجعل نفسه في مصافّه بأنه ملك الروم؛ ليرتفع قدره أمام شعبه حين يخاطب بهذا اللقب في المكاتبات. ودفعه إلى ذلك عدم احترام السكان له، لما فرض عليهم من الضرائب التي كانت أعفتهم منها الإمبراطورة إيريني.