للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد توليه الحكم تعرض المسلمون لمذبحة عظيمة في مدينة بلرم سنة ٥٨٥هـ/١١٨٩م، أدت بمن سلم منهم إلى الفرار إلى جبال صقلية الواقعة في الطرف الشمالي الغربي لجزيرة صقلية، حيث قاموا هناك بثورة كبرى ضده استمرت إلى شهر رمضان من سنة ٥٨٦هـ/ ١١٩٠م. وبالقوة تارة والإقناع تارة أخرى انتهت تلك الثورة، وعاد أولئك إلى بلرم (١٤٢) .

ومما يدلل على عدم اهتمام تانكربد بالمسلمين وبغضه لهم أن جميع الوثائق في عهده القصير لم تكتب باللغة العربية، كما هو الحال في عصور أسلافه، بل كتبت باللغة اللاتينية فقط (١٤٣) .

وبعد فقد انتهى الحكم النورماني لجزيرة صقلية بعد احتلال الجرمان لها كما سبق وأن أشرنا إلى ذلك آنفاً. ولم يبق فيها إلا القليل من المسلمين، حيث بدأوا في الهجرة منها إلى جنوب إيطاليا، وشمال إفريقيا، وذلك إثر التعذيب الذي تلقوه في أواخر حكم فريدريك الثاني ملك صقلية وإمبراطور ألمانيا (٦٠٩ – ٦٤٨هـ / ١٢١٢ – ١٢٥٠م) ذلك التعذيب الذي وصل إلى حد الإحراق والصلب، ثم تابع مهمة التعذيب، وإخراج المسلمين من جنوب إيطاليا الملك شارل دانجو، حيث لم تأت سنة ٧٠٠هـ /١٣٠٠م، وهناك أحد من المسلمين في صقلية وجنوب إيطاليا.

واختفى الإسلام والمسلمون من صقلية وجنوب إيطاليا، وهدمت مساجدهم التي هي رمز عبادتهم ودلالة وجودهم ومن فوق مآذنها كانت تدوي كلمة التوحيد.

ولكن هل هناك الآن ما يدل على أن المسلمين كانوا هناك، نعم فلقد بقي بعض الشيء مما كان للمسلمين.

فهناك بقايا قصور إسلامية، وعليها كتابات عربية، حيث ظلت أسماء عربية باقية إلى يومنا هذا في اللغة الصقلية والإيطالية، ومن ذلك أسماء القلاع والمراسي والشوارع، مثل قلعة النساء، وقلعة فيمي، وقلعة الحسن وقلعة البلوط. وكذلك كلمة مرسى، مثل مرسى علي، ومرسى المينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>