.. وبالبحث الميداني عن أدلة أثرية تؤكد هذه الجهود العظيمة؛ تم العثور على خرزة (فتحة على القناة للسقيا والصيانة) مؤرخة بعام ١٣٥٣هـ/١٩٣٥م علاوة على وجود آثار تعلية جانبي القناة في المنطقة الواقعة بين عرفة ومزدلفة وكذلك في دقم الوبر والعزيزية، ويظهر أن بناء الخرزة وجانبي القناة اتفقت في طراز عمارتها مع طراز العمارة الذي كان سائدا قبل عهد الملك عبد العزيز.
... وقد تمحورت هذه الدراسة حول خمسة محاور هي: أهمية العين وتسميتها، ودوافع عمارة العين في عهد الملك عبد العزيز، وأعمال الملك عبد العزيز لعمارة عين عرفة، وطراز عمارة القناة وخرزاتها، ونقشان كتابيان يؤرخان لأعمال الملك عبد العزيز في عين عرفة. مدعما هذه الدراسة بالأشكال واللوحات الموضحة للمعلومات التي وردت في ثناياه.
أولا: أهمية العين وتسميتها:
... اعتمد سكان مكة وحجاج بيت الله الحرام، على الآبار لتأمين احتياجاتهم من الماء، في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر خلفائه الراشدين. وفي بداية الدولة الأموية وبالأخص في عهد معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه (٤٠ ٦٠هـ / ٦٦٠ ٦٨٠م) بدأت أول محاولة للإفادة من مياه العيون لسقيا السكان والحجاج، ثم توالت الأعمال لجلب مياه العيون إلى مكة المكرمة، إلى أن قامت السيدة زبيدة زوج هارون الرشيد، بجلب مياه عين وادي حنين إلى مكة سنة ١٩٤هـ/٨٠٩م، ثم أجرت مياه عين عرفة من وادي نعمان إلى عرفة ثم إلى العزيزية حيث أوقفت العمل هناك، لوجود منطقة صخرية حالت دون إيصال مياه العين إلى مكة المكرمة.