.. أدرك الملك عبد العزيز رحمه الله قبل وصوله إلى مكة المكرمة أن الأمن أهم ما تحتاجه هذه الأرض المقدسة؛ لتسير حياة الناس وفق ما أنزل الله؛ فيأمن كل مسلم فيها على نفسه وماله وعرضه. لأن الأمن دون شك سيؤدي إلى زيادة وفود الحجاج إلى مكة (٣١) ؛ ولذلك جاء في خطابه الأول قبل دخول مكة قوله:"إني مسافر إلى مكة مهبط الوحي لبسط أحكام الشريعة وتأييدها"(٣٢) ؛ وعلى هذا فقد بذل كل جهده ليحقق هدفه الخير، وبتوفيق الله تمكن من ذلك (٣٣) ؛ فزاد عدد الحجاج، فبينما كان عددهم مائة آلف عام ١٣٤٣هـ/١٩٢٤م زاد إلى مائة وخمسين ألف عام ١٣٤٤هـ/١٩٢٥م ووصل إلى أكثر من خمسمائة ألف حاج عام ١٣٧٨هـ/١٩٥٨م (٣٤) .
... وبناءا على ما سبق فإن الملك عبد العزيز قد أولى عين عرفة عناية كبيرة، ووجه إلى مواصلة العمل في عمارتها وصيانتها؛ ليضمن بمشيئة الله استمرار وزيادة كمية المياه الواصلة إلى هذه العاصمة المقدسة ومشاعرها المقدسة، ويوفر ما يؤمن حياة هذه الأعداد الكبيرة من الحجاج ٠ ويؤيد ذلك ما ورد في تقرير يعود إلى عام ١٣٥٥هـ/١٩٣٧م يشير إلى أن الملك عبد العزيز بذل النفس والنفيس لعمارة عين عرفة وصيانتها، لتستمر في عطائها، وأشرف بنفسه على مراقبة العمل حتى يسر الله على يده دخول الماء إلى البلد الحرام (٣٥) .