ولا أزعم لعملي هذا الكمال فذلك محال، ولكن حسبي أني بذلت الجهد.
والله أسأل أن يوفقنا للصواب وبالله التوفيق.
الفصل الأول
ما اختصت به الأسماء من أبنية دون الصفات
المبحث الأول: ما اختص به الاسم من أبنية الثلاثي الذي حُذِفَ أحد
أصوله واستعمل على حرفين
غالب كلام العرب من الأسماء والأفعال يكون على ثلاثة أحرف، لأن المتحدث يحتاج إلى حرف يبتدئ به، وحرف يقف عليه، وحرف يكون مسافة بينهما، ولا يكون الاسم والفعل على أقل من ذلك إلا قليلاً. فإذا تقرر ذلك فما معنى جعل سيبويه هذا من أبنية الثنائي؟
قال سيبويه:((ثم الذي يلي ما يكون على حرف ما يكون على حرفين، وقد تكون عليه الأسماء المظهرة المتمكنة والأفعال المتصرفة، وذلك قليل، لأنه إخلال عندهم بِهِنّ، لأنه حذفٌ من أقل الحروف عدداً. فمن الأسماء التي وصفت لك: يدٌ، ودَمٌ، وحِرٌ، وسَتٌ، وسَهٌ - يعني الاست - ودَدٌ وهو اللهو ... فإذا ألحقتها الهاء كَثُرَتْ، لأنها تقوى، وتصير عدتها ثلاثة أحرف)) (١) .
وقال أيضاً:((ولا يكون شيءٌ على حرفين صفة حيث قل في الاسم وهو الأول الأمكن)) (٢) .
ومقصود سيبويه بهذا ما يكون على حرفين استعمالاً مما حُذِف لامه، وأصله ثلاثي، ولذا قال:((لأنه حذفٌ من أقل الحروف عدداً)) (٣) .
وأوضح ابن عصفور ذلك بقوله:((أبنية الأسماء الأصول أقل ما تكون ثلاثة، وأكثر ما تكون خمسة. ولا يوجد اسم متمكنٌ، على أقل من ثلاثة أحرف، إلا أن يكون منقوصاً، نحو (يَدٌ) و (دم) وبابهما)) (٤) .
فما ذكره سيبويه على حرفين في الأسماء هو مما جاء في كلامهم محذوفاً من هذا النوع.
وأما (حِر) فوزنه (فِعٌ) ؛ ثم حُذِفَت لامه، إذ هو في الأصل (حِرْحٌ) على (فِعْلٌ) ودليل ذلك ((قولهم أفعال في جمعه، بمنزلة جِذْع وأَجْذَاع)) (٥) .