للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ويُمكننا القول: إنَّ فَنَّ المُسْتَخْرَجاتِ ماهو إلاَّ لَون مِن ألوان فنِّ التَّخريج انتعش وازدهر في القرنِ الثَّالث، واستمر في التَّطورِ حتَّى نهاية القرن الخامس. . (١) حيثُ شح إن لم نقل انعدمَ التَّصنيف لهذا النَّمط مِن أنماط المُصَنَّفات. . ولمَّا كان هذا اللَّون من المُصَنَّفات هو نوعٌ مِن أنواعِ عِلْم رواية النُّصوصِ عند المُسلمينَ، الذي يتميَّز بالحيويَّة والنَّشاط، والذي يتطلَّب مِن مؤلِّفِهِ بَرَاعة الاقتباس مِنَ المُصنَّفات المتقدِّمَة عليهِ، وَأن يسوق المادة بمهارةٍ فائقةٍ، وعقلٍ رياضيٍّ لا يقبل غير الصَّواب، فقد امتدَّ تأثيرهُ على لونٍ آخرٍ مِن ألوانِ فنِّ الرِّوَاية وهو علم معاجم الشُّيُوخِ والمشيخات (٢) الذي كان الوارث لهذا النَّوعِ مِنَ المُصَنَّفاتِ الحديثيَّةِ والذي استوعبَ مداهُ، واستطاع أنْ يقومَ مقامهُ في توثيق النُّصوصِ وضبطها عند المُحَدِّثينَ.


(١) لم يذكر بعد هذا القرن تأليفات في المُستَخرجات على كتب الحديث، سوى المُسْتَخرج على المُسْتَدرك للحاكم النَّيْسابوري استخرجه الإمام أبو الفضل العراقيِّ (ت٨٠٦هـ) .
(٢) في كتابنا ((علم الأثبات ومعاجم الشُّيُوخِ والمَشيخَات وفَنُّ كتابة التَّراجم)) الذي تقوم على طباعته جامعة أمِّ القُرى قسمت معاجم الشُّيُوخ والمشيخات إلى ستِّ مدارس، وتحدَّثت عن الأساليب والمناهج المُتَّبعة في كُلِّ مدرسةٍ، والمرادُ هنا معاجم الشُّيُوخ التي تنتمي إلى مدرسة الرِّوَاية وَسِيَر الشُّيوخِ، تلك التي يركز فيها مُصَنِّفوها على مرويات الشُيوخِ، مع التَّركيز على تخريج المَرويات مِنَ المصادر الأخرى، إضافةً إلى حرصهم على الالتقاء مع أحد المُصَنِّفين، بأسلوب العُلُوِّ بالإسناد التي سيأتي بيانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>