" أما البصريون فقد ذهبوا إلى أن فعل الأمر مبني على السكون في نحو: اضرب لأنه صحيح الآخر، ومبنى على حذف حرف العلة في نحو: اغز، اخش، ارم، لأنه معتل الآخر. فقد حذفت الواو والألف والياء من هذه الأفعال للبناء لا للإعراب. وتم هذا الحذف قياساً للفعل المعتل على الصحيح، وذلك أنه لما استوى الفعل المجزوم وفعل الأمر الصحيح في قولك: لم يخرج، واخرج في سكون الآخر، وإن كان أحدهما مجزوما والآخر مبنياً، سوي بينهما في الفعل المعتل بحذف حرف العلة.
" وإنما وجب حذفها في الجزم، لأن هذه الأحرف التي هي الواو والألف والياء جرت مجرى الحركات لشبهها بها فكما أن الحركات تحذف للجزم، فكذلك هذه الأحرف، فلما وجب حذف هذه الأحرف في المعتل للجزم، فكذلك يجب حذفها من المعتل للبناء، فحذفت فيهما حملا للمعتل على الصحيح، لأن الصحيح هو الأصل، والمعتل فرع عليه، فحذفت حملا للفرع على الأصل (١) . والخلاصة أن المضارع والأمر المعتلين حملا - في حذف حرف العلة - على المضارع والأمر الصحيحين حمل فرع على أصل، للتشابه بين حروف العلة والحركات في أن كلا منهما يحذف عند وجود المقتضى.
وقد ساق ابن جني رأيا لطيفا فذكر أنه إذا كان المراعى هو جانب الحركات والحروف، بغض النظر عن الصحة والاعتلال، كان من قبيل حمل الأصل على الفرع، لأن الحركات زوائد والحروف أصول (٢) .
٦- قياس الجر على النصب:
... الكسرة هي العلامة الأصلية للجر، والفتحة هي العلامة الأصلية للنصب، تقول: مررت بزيد، وأكرمت زيداً. ولكن مالا ينصرف من الأسماء جر بالفتحة نيابة عن الكسرة، فجر مالا ينصرف - حينئذ - بالفتحة مقيس على نصبه أى أن الجر فيما لا ينصرف - والجر خاص بالأسماء أصيل فيها - حمل على النصب المشترك بين الأسماء والأفعال (٣) .