" النصب والجر يستويان في المظهر المثنى والمجموع نحو: كافأت الطالبين، وسررت من الطالبين، وشجعت الصائمين، وسررت من الصائمين. كما تساويا في المضمر نحو: رأيتكما ومررت بكما، ورأيتكم ومررت بكم. فقد جاء المنصوب بلفظ المجرور، لأن المضمر مبني، فهو خال من الإعراب، فلا يظهر أثر فيه، بخلاف المظهر لأنه معرب، لذلك قاسوه على المضمر في التثنية نصباً وجراً، مع أنه أصل، لهذا كان حمل المظهر على المضمر في التثنية حمل أصل على فرع، من حيث أن المظهر معرب، والإعراب أصل في الأسماء. والمضمر مبني، والبناء فرع على الإعراب، فالمراعى حينئذ هو أمر الإعراب والبناء، وليس شيئاً آخر.
١٠- قياس المصدر على الفعل
من أنواع ما حمل فيه الأصل على الفرع، قياس المصدر على فعله. وهذا القياس قد يكون في العمل، كما يكون في الإعلال أو التصحيح، وهذا هو البيان:
أولاً: القياس في العمل: ذهب البصريون إلى أن المصدر أصل المشتقات لكونه بسيطا لأنه يدل على الحدث فقط والفعل مشتق منه وفرع عليه، لأن الفعل يدل على الحدث والزمن، وكل فرع يتضمن الأصل وزيادة عليه، فثبتت فرعية الفعل وأصلية المصدر لأنه دل على بعض ما يدل عليه الفعل. وذهب الكوفيون إلى أن الفعل أصل، والمصدر مشتق من الفعل وفرع عليه لأن المصدر يجيء بعده في التصريف، نحو: ضرب ضرباً وقام قياما (١) . ومما يدل على أصالة الفعل أن المصدر يصح لصحة الفعل ويعتل لاعتلاله وأن الفعل يعمل في المصدر، فوجب أن يكون فرعا له، لأن رتبة العامل قبل رتبة المعمول. وأن المصدر يذكر تأكيداً للفعل، ولا شك أن رتبة المؤكَّد قبل رتبة المؤكّد، فدل ذلك على أن الفعل أصل، والمصدر فرع.