"إن وعي الشباب بالاختلال الموجود بين الثقافتين العربية الاسلامية من جهة والغربية من جهة أخرى، قد أظهر وُلوعا مفرطا تجاه الثقافة الغربية المعتبرة كوسيلة وحيدة للرقي الاجتماعي والثقافي من ناحية، وقد أخذ موقف المنسلخ عن الثقافة العربية الإسلامية من ناحية أخرى، التي اعتُبرت متخلّفة ". (فيتوري ١٩٨٣) وفي "الحقيقة أن الأمر لا يتعلق بالصراع بين ثقافتين فحسب، وإنما الأمر يتعلق بتمزق الشخصية التي وجدت نفسها بين العصرنة (المبهرة) والتقليد (القديم) . وقد ساهمت المدرسة في تشكيل هذه الوضعيات التوترية، باعتبارها مصدر الناشر والموزع للتثاقف (acculturation) . وانطلاقا من تفتح المدرسة على العالم المعاصر من خلال الازدواجية الثقافية التي تعد إحدى خصائصها، لا تعمل إلا على تدعيم أوضاع التوتر التي يعاني منها الشباب، لأن التأقلم مع الثقافة العصرية يتولد عنه حاجات جديدة، ليس على المستوى الذهني فحسب ولكن بصفة أخص على المستوى الانفعالي أيضا ". ولهذا نتساءل: هل ينبغي أن يكون كل من الجو الاجتماعي والجو المدرسي ملائمين؟ وهل يمكن للتربويين الواعين بهذه الأوضاع، أن يحققوا هذا التأقلم للشباب مع الثقافة المزدوجة دون إحداث تمزق عميق أو تشويه أو تحريف للثقافات؟
إن التثاقف يتطلب " التأثير المستمر والثقيل الذي تقوم به ثقافة مسيطرة على ثقافة مسيطر عليها والتي لا تتمكن من التخلص من هذه السيطرة، هذا التأثير الذي أدى إلى تحوّلات عميقة في الثقافة المسيطر عليها، وذلك تبعا لدرجة مقاومة هذه الأخيرة. ويظهر أثر هذه التحوّلات على بنيات المجتمع وعلى الأفراد ظهورا صريحا؛ علما بأن الثقافة تحدد طرق الانتظام الاجتماعي، وتساهم في التعريف بأهم مكونات الوسط الذي يسلك فيه الفرد كما أن استقرار وانسجام الوسط الثقافي من شروط تكامل الشخصية ".