في نظر كلود لفيس ستروس (C.Levi-Strauss ١٩٥٨) : "اللغة هي في آن واحد فعل ثقافي في غاية الجودة وهي بواسطتها تنشأ وتنبني كل أشكال الحياة الاجتماعية وتصبح ذات ديمومة ". ونستوضح مع فيتوري هذه المقولة بما يلي: إذا ما طبقت هذه المقولة على الحقيقة المغاربية فإنها تسمح بالوعي بعمق الآثار التي نجمت وتنجم عن التثاقف على لغة الأفراد. إذ يكفي مد الأذن في أروقة المدارس وفي الأماكن العامة لمعرفة حالة التلف الذي توجد فيه لغة هؤلاء الناس. وقد ساهم التمدرس والازدواجيتان اللغوية والثقافية في تكريس ذلك؛ فهذا الخليط اللغوي بين العربية والفرنسية يترجم بجلاء الغموض الذي أنجزه التثاقف. فمنذ حلول الاستعمار إلى يومنا هذا ولغة طلبة الجامعة أو التلاميذ في المدارس أو حتى العوام لا تخلو جملة يتلفظون بها من مفردتين فرنسيتين مكيَفتين، هذا عن من يدرس بالعربية فماذا يقال عن الذين درسوا في المعاهد العليا الفرنسية وعن الناطقين بالبربرية؟ [نحن نؤكد]
الثقافة وتعدد اللغات:
إن النفوذ إلى ثقافة ما يتطلب بالضرورة التحكم في اللغة المطابقة لها. لكن بعد أن تأمل فيرنيتش (Weinreich ١٩٧٣) في العلاقة لغة / ثقافة صرّح قائلا: "لو أن التواصل قد حُصر في حدود الطوائف اللغوية فسيكون في الإنسانية عدد من الثقافات المتنوعة الذي يماثل عدد اللغات. وهذا الأمر غير منطقي، فوجود التشابهات الثقافية المدهشة بين أقطار ذات لغات مختلفة اختلافا كبيرا لدليل على أن التواصل يمكن، بل ويجب أن يحدث بحيث يتعدى الحدود اللغوية ". وحسب فيرنيتش دائما فالثقافة لا تحدد بالضرورة اللغة نظرا لكون التشابه الثقافي يمكن أن يتأقلم بالتنوع اللغوي.