للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" وإن أكرم تأبين لإيليا أبي ماضي أن نلتفت في أيامنا الشعرية الحرجة هذه إلى القوة وكمال الشكل في قصائد فنتلقى عنه دروسا في الإيجاز والوضوح، فلعلنا لا نبالغ مطلقا إذا قلنا إننا حتى بعد انصرام ثلاثين سنة كاملة على صدور مجموعة الجداول، ما زلنا محتاجين إلى أن نتعلم منه دروسا تفيدنا في سلوكنا نحو مستقبل أكمل للشعر العربي" (٢٩) .

ولعل أهم دراساتها النقدية وأكثرها جرأة هي دراستها لشعر علي محمود طه الموسومة ب" الصومعة والشرفة الحمراء " تناولت فيها الناقدة قضايا الشكل المضمون معا حيث تحدثت عن شهرة علي محمود طه ووازنت بينه وبين نزار قباني في اكثر من غرض ثم فصلت القول في شعره الغزلي والفكري وشعر المناسبات، وتحدثت عن بعض القضايا الفنية في شعره كالموسيقى والصورة الشعرية والعروض وأخذت على الشاعر مآخذ كثيرة في هذا الجانب أهمها:

أ - السقوط في الألفاظ الحوشية:حيث ترى نازك انه كان يلجأ إليها لضرورة عروضية تقول: " ولكن شاعرنا يسقط في الألفاظ الحوشية في بعض شعره، فيأتي بكلمات قاموسية فيها غرابة وخشونة وجفاف وبعد عن روح العصر، ويغلب أن يقع له هذا حين تضايقه متعرجات الوزن ومتطلبات القافية الموحدة فيضطر إلى اللجوء إلى القاموس واستخراج كلمات ملائمة " (٣٠) ثم تمثل على هذه الظاهرة من خلال قوله:

وما هي أسطر كتبت ولكن

معانٍ في القلوب لهنّ علبُ

وهبّت في نواحي الأرض دنيا

لحق يجتبى ومنى تلبّ

تقول نازك " فما من قارئ معاصر يستسيغ كلمتين مثل علب وتلب في قصيدة حديثة (٣١) .

ب - كثرة استعمال المترادفات في البيت الواحد كقوله:

يا باعث الروح الفتيّ بأمّةٍ

تسمو به آماله وتحلق

فانين في حب الإله فلن ترى

بعد الألوهة ما يُحب ويُعشق

وحديث أرواح يضوع عبيره

ومن الطهارة ما يضوع ويعبق

تقول نازك " أليس تسمو وتحلق في معنى واحد؟ وهل يحب غير يعشق، أم هل يضوع تختلف كثيرا عن يعبق؟ (٣٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>