ويجوزُ إمالَتُهَا من جهةٍ أخرى؛ وهي أنَّ لامَ الفعلِ منجَرَّةٌ (١) ، فتجوزُ الإمالةُ لانجِرَارِهَا. قال سيبويه (٢) : ((سمعناهم يقولونَ: مِنْ أَهْلِ عَادٍ)) . قال:((وقالوا (٣) : مَرَرْتُ بِعَجْلانِكَ، فأَمَالُوا)) ، فكذلكَ أيضاً تجوزُ الإمالة في الألِفِ من اسم ((الله)) . فإنْ كانت الألفُ في الاسم عَيناً ليست بزائدةٍ، جازت إمالَتُهَا وحَسُنَتْ فيها؛ إذ كان / انقلابُهَا عن الياء بدلالةِ قولهم:((لَهْيَ أبوكَ)) ، وظهورُ الياء لَمَّا قُلِبَت إلى موضع اللاَّمِ.
فإذا لم تَخْلُ الألِفُ من الوجهَين اللَّذَين ذَكَرْنَا، وكان جوازُ الإمالَةِ فيها على ما أَرَيْنَا، عَلِمْتَ صحَّتَهُ، فإنْ ثَبَتَت بها قراءةٌ، فهذه جهةُ جوازِهَا.
* * *
[سورة الفاتحة]
المسألة الثَّانية
قال (٤) في قوله - عز وجل -: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}[الآية: ٤](٥) :
(( [موضعُ] (إيَّاك) نصبٌ بوقوع الفعل عليه، وموضع الكاف في (إيَّاكَ) خفضٌ بإضافة (إيَّا) إليها، و (إيَّا) اسمٌ للمضمَر المنصوب إلاَّ أنه ظاهرٌ يُضافُ إلى سائر المضمَرَات (٦) نحو قولكَ: إياكَ ضربتُ، وإيَّاه حَدَّثتُ (٧) ، ولو قلتَ: إيَّا زيدٍ حَدَّثْتُ كان قبيحاً؛ لأنه خُصَّ به المضمَرُ، وقد رُوِيَ عن العرب رواه الخليلُ (٨) : ((إذا بَلَغَ الرَّجُلُ السِّتِّينَ فإيَّاهُ وإيَّا الشَّوَابِّ)) ومَن قال: إنَّ (إيَّاكَ) بكماله الاسمُ، قيل له: لم نرَ اسماً للمضمَر ولا للمظهَر يُضَافُ، وإنمَّا يتغيرُ آخِرُهُ ويبقى ما قبل آخِرِه على لفظٍ واحدٍ، والدَّليلُ على إضافته قولُ العرب:((إيَّاهُ وإيَّا الشَّوابِّ)) ، وإجراؤُهُمُ الهاءَ في (إيَّاه) مُجراها في (عصاه)) ) .