فإلقاءُ الحركة من اسم ((الله)) على الميم السَّاكنة لا يجوزُ من حيث جاز قطعُ الهمزة وإثباتُها في قولهم: ((ألَحْمَر)) ، وقد قالوا:((لَحْمَر)) ، فأَسْقَطوا الهمزةَ لتحرُّكِ ما اجتُلِبَت له، وإن كانت الحركةُ غيرَ لازمة،كما قالوا:((رُيَّا)) (١) فأَدْغَموا وإن كانت الواوُ غيرَ لازمةٍ.
فإن قال: إذا كانت النيَّةُ بهذا الحرف السُّكونَ، ومِن أجل ذلك ثَبَتَت الهمزةُ في قولهم:((أَلَحْمَر)) ، فكيف وَجْهُ قراءة أبي عمرٍو:{عَاداً لُّوْلَى}(٢) بإدغام النُّون في اللاَّم، والمدغَمُ فيه لا يكونُ إلاَّ متحرِّكاً، فإذا كان التَّقديرُ باللاَّم الإسكانَ، فهلاَّ امتنع الإدغامُ فيها،كما يمتنع في الحرف السَّاكن؟
قيل: إنَّها وإنْ كان منوِيّاً بها الإسكانُ، فإنَّ الإدغامَ غيرُ ممتنع؛ ألا تراهم أَدْغَموا ((عَضَّ)) و ((فِرَّ)) ونحوَ ذلك، والحرفُ الثَّاني ساكنٌ لوقوعه موقوفاً للأمر، فكما لم يمتنع الإدغامُ في هذه اللاَّمات لسكونها، كذلك لا يمتنع في لام التَّعريف في ((الأُولى)) ، وإنْ كان التقديرُ بها الإسكانَ. وقد ذَكَرْنَا ذلك بأبسَطَ من هذا في موضَعٍ آخَرَ (٣) . قال أبو عثمانَ: وإليه ذهب أبو عمرٍو (٤) .
فإن قال قائلٌ: فهلاَّ جاز إلقاءُ حركة هذه الهمزة على ما قبلها في الوصل كما جاز ثَبَاتُها فيه في قولهم: ((يا أللَّهُ اغْفِرْ لي)) ، وفي قولهم:((أفأللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ)) (٥) ، وقولهم:
((أاَلرَّجُلُ قال ذا)) . ألا ترى أنَّ الهمزةَ قد ثبتت في هذه المواضعِ وهي مُدرَجَةٌ ليست بمبتدَأَةٍ، فكذلك تقديرُ إثباتِهَا موصولةً في الآية، / وإذا ثبتت موصولةً ولم يلزَمْ حذفُها،لم يمتنع أن تُلقَى حركَتُهَا على السَّاكن الذي قبلها في الآية؟