فأمَّا ما ذَكَرَه أبو إسحاقَ (١) من أنَّ ذلك غَلَطٌ بَيِّنٌ، وأنه لو جاز ذلك لجاز: كيفِ الرَّجُلُ، فخطأٌ لا يَلزَمُ، ولو ورد بذلك سماعٌ لم يدفعه قياسٌ، بل كان يُثْبِتُهُ ويقَوِّيه ويَعْضُدُهُ ولا ينافيه؛ ألا تراهم قالوا:((جَيْرِ)) ، و ((كان من الأمر ذَيْتِ وذَيْتِ)) ، و ((كَيْتِ وكَيْتِ)) ، و ((حيثِ)) ، فحُرِّكَ السَّاكنُ بعد الياء بالكسر،كما حُرِّكَ بعدها بالفتح في ((أَيْنَ)) ، فكما جاز الفتحُ بعد الياء لقولهم:((أَيْنَ)) ،كذلك يجوزُ الكسرُ بعدها لقولهم:((جَيْرِ)) . ويدلُّ على جواز التَّحريك بالكسر لالتقاء السَّاكنين فيما كان قبلَه ياءٌ جوازُ تحريكِهِ بالضَّمِّ كقولهم:((حَيْثُ)) ، فإذا جاز الضَّمُّ كان الكسرُ أسهَلَ وأجْوَزَ.
ولو قال له قائلٌ: لو جاء (٢) ميمٌ مفتوحةٌ بعد الياء لالتقاء السَّاكنين، لَمَا جاز لقولهم:((جَيْرِ)) وأخواته فقَلَبَ عليه ما ذَكَرَه، وعَكَسَ قولَه، لَمَا اتَّجَهَ له عليه برهانٌ، ولا وجَدَ لقوله مِن بيان. والقولُ في هذا: إنَّه لو جاء مكسوراً لالتقاء السَّاكنين كان جيِّداً، كما أنَّه لو وَرَدَ مفتوحاً لاجتماعهما كان حَسَناً.