وقد عرفه الإمام أحمد بقوله:{القدر: قدرة الله}(٤) .
وعرف بتعريفات أخرى، كلها تدل على علم الله بكل ما أراد إيجاده، أو إفناؤه، من العوالم، والخلائق، والأحداث، والأشياء، وتقدير ذلك، وكتابته في اللوح المحفوظ، كما هو: كميته، وصفته، وكيفيته، وزمانه، وأسبابه، ومقدماته، ونتائجه، بحيث لايتأخر شيء من ذلك عن وقته، ولايتقدم، ولايتبدل (٥) .
ومعنى قولهم:{القدر سر الله في خلقه} : أن الله قد أخفى علمه عن خلقه، فلايطلع عليه أحد لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، فهو - سبحانه - أوجد وأفنى، وأفقر وأغنى، وهدى وأضل، {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ}(٦) .
وقد روي عن ابن عمر مرفوعاً:((لاتكلموا بشيء من القدر فإنه سر الله فلاتفشوا سر الله)) (٧) .
وسئل علي - رضي الله عنه - عن القدر، فقال:{سر الله فلا تكشفه}(٨) .
{والقضاء والقدر: أمران متلازمان لاينفك أحدهما عن الآخر؛ لأن أحدهما بمنزلة الأساس؛ وهو القدر، والآخر بمنزلة البناء؛ وهو القضاء}(٩) .
فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء، ونقضه، فالمقضي مقدر، والمقدر مقضي، ولا دليل على التفريق بينهما (١٠) ، إلاَّ أن الذي أراه أنهما إذا اجتمعا فإن لكل لفظ من لفظيهما زيادة بيان عن الآخر من وجه، كما هو الحال في ألفاظ اللغة العربيَّة ومترادفاتها، ومن ذلك ألفاظ القرآن الكريم ثُمَّ إن لذكر اللفظ مع الآخر في موضع أو سياق له دلالته، والله أعلم.