وكذلك طلب الموت على الإسلام عند الاحتضار، كما في قول الله - تعالى - عن يوسف - عليه السلام -: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ}(١) ، وقول النبي - (- عند موته: ((اللهم في الرفيق الأعلى)) (٢) ثلاثاً، وحتى في غير الاحتضار، فيطلب أن يموت على الإسلام عند انتهاء أجله، أو خوفاً من فتنة في الدين عامة، كما في إخبار الله عن السحرة، لما أرادهم فرعون عن دينهم، وتهددهم بالقتل، {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ}(٣) .
وقال عن مريم - عليها السلام - لما علمت من أن الناس يقذفونها بالفاحشة؛ لأنها لم تكن ذات زوج ... ، وجاءها المخاض - أي الطلق - إلى جذع النخلة:{يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَنسِيًّا}(٤) .
فكل هذا جائز، ليس فيه جزع أو اعتراض على المقدر، فلاينافي الرضا بالقضاء (٥) .
٧ - عدم الرضا بالمقسوم من الرزق:
ما قدره الله للعبد من الرزق سيصله؛ وإن كان لابد من الاكتساب، وفعل الأسباب.
ومن الكسب ما يكون واجباً، وهذا عند احتياج العبد إلى النفقة على نفسه، أو عياله، أو قضاء دينه، وهو قادر على الكسب، ولايشغله ذلك عن ما هو أفضل عند الله، وهذا من الرضا بالقضاء الشرعي، وهو واجب عند العلماء، وتركه فيه معصية لله - تعالى -.
ومنه ما هو مستحب، وهو ما اكتسبه العبد، لنفع نفسه، والإنفاق في وجوه الخير (٦) ، كما في الحديث:((على كل مسلم صدقة)) قالوا: فإن لم يجد؟ قال:((فيعمل بيده فينفع نفسه، ويتصدق)) قالوا: فإن لم يستطع؟ أو لم يفعل؟ قال:((فيعين ذا الحاجة الملهوف)) ، قالوا: فإن لم يفعل؟ قال:((فليأمر بالخير)) أو قال: ((بالمعروف)) ، قالوا: فإن لم يفعل؟ قال:((فليمسك عن الشر؛ فإنه له صدقة)) (٧) .