أن الرضا بالقضاء هو اليقين القلبي المؤثر في السلوك، الداعي إلى عدم الركون إلى الظلم وأهله، والدافع إلى استرضاء الرب - سبحانه - بالأعمال الصالحة، واحتمال الفقر، والدون من المعيشة، والقناعة باليسير، وسكون القلب إلى فعل الله، وحمده على ما قضاه.
أن الرضا بالقضاء من تمام الإيمان بالقضاء والقدر، وأنه غاية شريفة، ومنزلة عظيمة عند الله، وثوابه عظيم، فهو من منازل الشهداء، وأنه من مقامات الإحسان التي هي من أعلى المندوبات.
أن حقيقة الرضا بالقضاء هي: لزوم ما قضاه الله وقدره، وذلك بعد فعل الأسباب المأمور بها، فلايتحقق الرضا إلاَّ بذلك.
أن الرضا بالقضاء يكون بعد وقوع المقضي والمقدر، وما قبله هو التوكل بفعل الأسباب المأمور بها، فالرضا ثمرة التوكل، وأعلى درجاته.
أن الرضا بالقضاء حال شرعية، حقيقتها التصرف بما أمر الله به، وترك ما نهى عنه بعد وقوع المقدور، وهذه من خصائص العابدين وكرامات الصالحين من عباد الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: ((والمؤمن يخضع لأمر ربه طوعاً، وكذلك لما يقدره من المصائب، فإنه يفعل عندها ما أمر به من الصبر وغيره طوعاً، فهو مسلم لله طوعاً، خاضع له طوعاً، والسجود مقصوده الخضوع ... )) (١) .
أن القضاء المأمور بالرضا به قسمان: ديني شرعي يجب الرضا به، وكوني قدري يستحب الرضا به، ما لم يكن معصية لله - تعالى -، فإن المعصية لايرضى بها إلاَّ من جهة أنها مصيبة، أمَّا من جهة أنها عمل يغضب الله - تعالى - فلايرضى بها من هذا الوجه، أي من وجه أنها معصية، فترضى المصائب لا المعاصي والمعايب.