إذ القلب في اللغة عام في كل صرف لأي شيء عن وجهه، وفي الاصطلاح عند المحدثين خاص بصرف الحديث عن وجهه على هيئة مخصوصة.
المقصد الثاني: فوائد معرفة الحديث المقلوب
بعد أن تعرفنا على حقيقة وماهية الحديث المقلوب عند علماء الحديث، نقف هنا على فوائد معرفة الحديث المقلوب، وهي كثيرة الأفراد أذكر مجملها في النقاط التالية:
١ من فوائد معرفة المقلوب: أن الحديث يُظن فائدة، وليس كذلك، إذ يُكتشف أنه مقلوب.
قال شعبة (ت١٦٠هـ) رحمه الله: "أفادني ابن أبي ليلى أحاديث فإذا هي مقلوبة"(١) .
٢ من فوائده: كشف تحقق حصول الاتصال من عدمه.
قال ابن أبي حاتم رحمه الله:"سمعت أبي يقول: إسماعيل بن أبي خالد الفَدَكي لم يدرك البراء. قلت: حدّث يزيد بن هارون عن سيّار عن يحي بن أبي كثير عن إسماعيل بن أبي خالد الفدكي أن البراء بن عازب رضي الله عنه حدّثه في الضحايا؟ قال: هذا وهم، وهو مرسل"اهـ (٢) .
قلت: ومعنى هذا أن الرواية انقلبت على أحدهم فرواه بصيغة السماع بين إسماعيل بن أبي خالد والبراء بن عازب، والحقيقة أنه لا سماع بينهما.
قال أبوزرعة الرازي (ت٢٦٤هـ) رحمه الله، في "عبد الرحمن بن أبي الموال": "لا بأس به، صدوق". وذكر الذهبي في الميزان (٣) حديثاً يرويه عبد الرحمن بن أبي الموال عن عبيد الله بن موهب عن عمرة عن عائشة. قال أبوزرعة:"هذا خطأ. الصحيح عن ابن موهب عن علي بن الحسين، مرسل".
قلت: وهذا بمعنى أنه أخطأ فقلبه! والملحوظ هنا أن قلبه أوهم اتصال سند الحديث!
ومن هذا القبيل ما تراه في بعض الأسانيد من صيغة السماع بين راويين صرّح أهل العلم بأنه لم يقع بينهما! ولا ينبغي العدول عن تصريح أهل العلم لمجرد وقوع مثل هذا الأمر في الأسانيد، إذ يغلب على الظن عندها أن وقوع ذلك هو من قبيل القلب (٤) .