للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الخطيب البغدادي (ت٤٦٣هـ) رحمه الله: "إذا سلم الراوي من وضع الحديث وادعاء السماع ممن لم يلقه وجانب الأفعال التي تسقط بها العدالة غير أنه لم يكن له كتاب بما سمعه فحدّث من حفظه لم يصح الاحتجاج بحديثه حتى يشهد له أهل العلم بالأثر والعارفون به أنه ممن قد طلب الحديث وعاناه وضبطه وحفظه (

ويعتبر اتقانه وضبطه بقلب الأحاديث عليه"اهـ (١) .

وقد ذكر ابن حجر (ت٨٥٢هـ) رحمه الله تعالى أن ممن كان يفعل قلب الأحاديث لقصد الامتحان شعبة (ت١٦٠هـ) رحمه الله، حيث كان يفعله كثيراً لقصد اختبار حفظ الراوي فإن أطاعه على القلب عرف أنه غير حافظ وإن خالفه عرف أنه ضابط (٢) .

١٠ من فوائد معرفة المقلوب: أن الحديث يروي بزيادة، تُظن مفسرة، وهي مقلوبة، وهم فيها الراوي، يُعرف ذلك بمعرفة أنها مقلوبة.

جاء عن شعبة عن قتادة أنه سمع زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين: أن رسول الله (صلى بأصحابه الظهر، فقال: أيكم قرأ بسبح اسم ربك الأعلى؟ فقال رجل: أنا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عرفت أن رجلاً خالجنيها.

قال شعبة: فقلت لقتادة: كأنه كرهه؟

فقال: لو كرهه لنهى عنه" (٣) .

قال البيهقي (ت٤٦٣هـ) رحمه الله: "في سؤال شعبة وجواب قتادة في هذه الرواية الصحيحة تكذيب من قلب هذا الحديث وأتى فيه بما لم يأت به الثقات من أصحاب قتادة"اهـ (٤) .

يشير إلى أن الرواية التي جاءت لهذا الحديث عن قتادة وفيها: "النهي عن القراءة" مقلوبة؛ إذ رواية قتادة لا تفيد النهي، والراوي أدرى بمرويه؛ فمن رواه عن قتادة على النهي فقد انقلب عليه الحديث، وهو ماجاء عن ابن صاعد عن يوسف عن سلمة بن الفضل عن حجاج بن أرطاة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس ورجل يقرأ خلفه فلما فرغ قال: من ذا الذي يخالجني سورتي فنهى عن القراءة خلف الإمام".

<<  <  ج: ص:  >  >>