.. والإيمان بالغيب معناه أن يؤمن المرء بما غاب عن حسه، أي إن الغيب هو الأمر الذي يجب الإيمان به مما غاب عن الحس ومما أخبرت بوجوده نصوص الوحي. وقال بعض أهل العلم (١) : معنى الإيمان بالغيب هو أن يؤمن المرء وهو غائب بما أمر أن يؤمن به. أي إن الغيب في القول الأول وصف للأمور الغائبة عن الحس، وفي القول الثاني وصف للمؤمنين أي يؤمنون وهم غائبون. فكلا القولين لا تنافر بينهما، بل هما متلازمان، لأن المؤمن بما غاب عن الحس قد آمن به وهو غائب عنه، ومن آمن وهو غائب فقد آمن بما غاب عنه فليتأمل.
المأمورات والمنهيات مبناها على الاعتقاد:
إن أركان الإسلام الخمسة وغيرها من شرائع الإسلام بأوامرها ونواهيها مبنية على الاعتقاد بأن الله تعالى أوجب الواجب منها وحرم المحرمات التي أوجب تركها وتجنبها، وتصديق الشرع في ذلك (٢) .
فأول أركان الإسلام: الشهادتان، فمجرد قولهما باللسان دون التصديق بالقلب لا يدخل قائلها الإسلام أي أن التصديق بالجنان هو الذي يترتب عليه النطق باللسان. فمن لم يصدق بقلبه لم يكن مؤمناً عند ربه.
وثاني أركان الإسلام: إقام الصلاة، فإقامتها لا تتأتى إلا بعد التصديق بأن الله تعالى فرضها علينا ومن لم يعتقد بأن الله تعالى فرضها فهو عند الله تعالى ليس بمؤمن ولو تظاهر بإقامتها.
وثالثها: إيتاء الزكاة، فإن من لا يعتقد بشرعيتها ووجوبها، ليس بمؤمن عند الله تعالى، وعمله مردود عليه مهما بلغ حجمه.
ورابعها: صيام رمضان، فالمؤمن الصادق هو الذي يصوم رمضان معتقداً بأن الله فرضه على عباده فإذا لم يصدق بوجوبه وفرضيته على عباد الله لم يكن من المؤمنين عند الله تعالى.
وخامسها: حج البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً، فمن حج وهو لا يصدق بأن الله تعالى فرضه على من استطاع إليه سبيلاً فهو غير مؤمن عند الله تعالى.