للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالشاعر إن ثبت أنه قال: استوى لا استولى كما يقول بعض العلماء، فإن قوله لا يكون حجة في تفسير كلام الله تعالى، ولكن الذي ذكره أهل العلم أن الرواية الصحيحة في بيت الشاعر قوله: استولى لا استوى، فالاستيلاء على قطر من الأقطار بقتال أو بغير قتال أمر يجري بين الناس ولا ينكره منكر لا من حيث الجواز ولا من حيث الوقوع، لأن استيلاء الملوك والأمراء والقواد على بلد أو إدخاله في الحوزة والسيطرة بعد أن كان خارجاً عنها جائز، وواقعٌ كثيراً في تاريخ الأمم والشعوب وهل يصح ويستقيم هذا في حق من له ملك السموات والأرض؟ هل كان العرش خارجاً عن ملكه وحكمه وسلطانه، ثم استولى عليه من يد غيره وسلطانه؟ هذا ما لا يقوله عاقل، وإن الوهم الذي فروا منه وهو أن إثبات علو الله على عرشه يلزم منه التحيز، قد أوقعهم في أمر قبيح، واعتقاد فاسد، فأصبحوا كمن فر من المطر ووقف تحت الميزاب، فإذا كان المشبه قد غلا في الإثبات وشبه الله بخلقه بتجاوز حدود الإثبات، فإنه أثبت أولاً ولكنه تجاوز الحد بعد الإثبات أي أنه زاد على الحق باطلاً، وأما المؤول فإنه لم يثبت إلا لفظاً لا معنى له، فأي الفريقين أقبح سبيلاً وأوهى دليلاً؟

ثانياً: تأويلهم لصفة المجيء والإتيان:

الإتيان والمجيء من صفات الفعل الثابتة لله تعالى وردا في كل من الكتاب والسنة أما الإتيان فقد جاء في موضعين من القرآن الكريم (١) وأما المجيء فقد جاء في موضع واحد (٢) وأما السنة فقد جاء فيها إتيان الرب لفصل القضاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>