وهكذا تتابعت نصوص القرآن على هذه المعاني وتوالت نفياً أو إثباتاً لهاتين الصفتين وهما صفة المحبة وصفة الرضا أي بإثبات محبة الله لأهل طاعته، ونفي محبة الله لأهل الكفر والمعاصي. ولكن أهل التأويل لم يعجبهم إثباتهما لله تعالى على ما يليق به، فقالوا: إن ذلك في الشاهد رقة تحدث في القلب، ولا يليق ذلك بالله تعالى، فأولوهما بلازمهما، وهو إرادة الثواب، ولا شك أن الثواب يترتب على الرضا والمحبة، وليس الثواب هو المحبة والرضا لا لغة ولا شرعاً.
رابعاً: تأويلهم لصفة الغضب:
وردت صفة الغضب في القرآن الكريم في حق ربنا العظيم في نحو سبعة عشر موضعا من آياته. وهي من صفات فعله تعالى المتعلقة بمشيئته واختياره كسائر صفات الفعل التي وصف الله تعالى بها نفسه، أو وصفه بها رسوله (في سنته الصحيحة.
ومع وضوح الأدلة المثبتة لله تعالى صفة الغضب كما يليق به تعالى، أبى المؤولون إلا تأويلهم وتحويلهم وتبديلهم إذ قالوا إن إثبات صفة الغضب يؤدي إلى التشبيه لأن الغضب في الشاهد المألوف انفعال في النفس يحدث لحدوث موجبه، وهذا لا يليق بالله تعالى. فليصرف إذن معنى الغضب عن ظاهره إلى معنى آخر تتقبله عقول المؤولين الحائرة، وذلك المعنى هو إرادة العقاب وإرادة العقاب من لوازم الغضب وليس من معنى الغضب، وقد يغضب غاضب ولا يعاقب المغضوب عليه، كما قال الله تعالى في عباده: (وإذا ما غضبوا هم يغفرون ((١) ، فوصفهم بأنهم يغفرون لمن أغضبهم، فلم يكن الغضب هو العقاب أو إرادة العقاب كما زعموا.