للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي ما كان البعد المكاني مانعاً من الوصول إلى العلم به، ولولا بعد المكان لأمكن رؤية ما يرى وسمع ما يسمع، وشم ما يشم، ولمس ما يلمس وذوق ما يطعم.

أما أمثلته فالبعيد عن الرؤية والإبصار ما كان خارج مدى النظر في العادة، وما كان كذلك فرؤيته تكون بالآلات المقربة للبعيد كالمناظير المقربة بمختلف أنواعها ودرجاتها، فقد تمكن الإنسان من مشاهدة ما خرج عن مدى الرؤية بالعين المجردة إلى الأجرام البعيدة بعداً كبيراً كالنجوم والكواكب والأقمار والمجرات، وفي الأصوات البعيدة عن السماع استخدم الأجهزة المقوية لسمعه، أو المكبرة للأصوات الخافتة، أو البعيدة، حتى استطاع الاستماع إليها، وهكذا في سائر ما خفي وغاب عن حواسه من الغيب النسبي الذي هو غيب الزمن الحاضر، فتمكن بها من علم خفايا هذه الأشياء من عالم الشهادة.

وهذه الأمور تعتبر غيباً نسبياً، إذ هي بالنسبة لمن استخدم تلك الآلات ليست غيباً بل هي شهادة، وبالنسبة لمن لم يستخدمها غيب.

السبب الثاني: الحاجز المانع:

أي ما حال بين الإنسان وبين علمه حاجز منع من الوصول إليه والعلم به، ولولا وجود ذلك الحاجز لما كان غيباً.

أمثلة ذلك ما يمنع الرؤية أو السمع أو الشم أو اللمس من السواتر كالجدران والألواح والأوعية، وسائر الأجسام، ويدخل في هذا ما في الأرحام من الأجنة بعد تمام الخلقة واكتمال الصورة، وهذا أيضاً لا يعتبر غيباً لمن استخدم الآلات المخترقة لتلك الموانع الساترة.

السبب الثالث: التناهي في الصغر إن كان جرماً، والخفوت الشديد إن كان صوتاً:

<<  <  ج: ص:  >  >>