وتجنبا للإطالة أورد موضع الشاهد من حديث تميم ابن أوس الداري الذي روته فاطمة بنت قيس: حيث كان قد ركب البحر مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم موج البحر شهرا فخرجوا في النهاية إلى جزيرة فلقيتهم دابة غزيرة الشعر فسألوها ما هي؟ فقالت: أنا الجساسة (١) ، فطلبت منهم أن ينطلقوا إلى رجل في الدير لشوقه إلى الأخبار، فانطلقوا إلى الدير سراعاً فرأوا فيه إنسانا عظيم الجثة شديد الوثاق مجموعة يداه إلى عنقه وما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد. فسألهم من هم؟ وكيف وصلوا إلى الجزيرة؟ وما الذي دلهم عليه؟ فلما عرف منهم أنهم من العرب سألهم عن أمور كثيرة في بلاد العرب حتى سألهم عن نبي الأميين ما فعل؟ فأخبروه أنه خرج من مكة ونزل بيثرب، وسألهم عن قتال العرب له وماذا فعل بهم؟ فأجابوه أنه ظهر على من يليه من العرب فأطاعوه. ثم إنه قال لهم:"وإني مخبركم عني؛ إني أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج، فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة، فهما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدا أو واحدة منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها. قالت راوية الحديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها: " قال رسول الله (وطعن بمخصرته في المنبر: " هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة" بمعنى المدينة " ألا هل كنت حدثتكم ذلك" فقال الناس: نعم." فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة. ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو، من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو" وأومأ بيده إلى المشرق) (٢) .