وفي سورة الكهف قال الله تعالى في الإخبار عن رحلة ذي القرنين وما جرى فيها من الأمور وأنه بلغ بين السدين ووجد من دونهما قوما: (قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سداً (قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما (آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله ناراً قال آتوني أفرغ عليه قطراً (فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا (قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقاً ((١) .
وأما في سورة الأنبياء فقال الله تعالى: (حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين ((٢) .
لقد دلت آية سورة الكهف في شأنهم على الأمور الآتية:
الأمر الأول: وجودهم في ذلك الزمن الغابر وجودا مشاهدا.
الأمر الثاني: إنهم أهل كفر وفساد في الأرض.
الأمر الثالث: إنهم حجزوا وراء السد وحيل بينهم وبين الإفساد في الحرث والنسل.
الأمر الرابع: إن هذا السد المنيع لا يمكنهم نقبه من أسفله ولا الصعود من أعلاه.
الأمر الخامس: إن ذلك السد لا يفتح إلا في آخر الزمان قرب قيام الساعة وعليه دلت آية سورة الأنبياء أيضا.
الأمر السادس: إن ذلك السد يتكون من قطع من الحديد الذي أفرغ عليه الصفر المذاب وهو أقوى ما يكون.
الأمر السابع: إنه لا بد من خروجهم إذا جاء وعد الله تعالى بأن يجعله دكا. وعليه دلت أيضا آية سورة الأنبياء.
أما آية سورة الأنبياء فقد صرحت بأمور:
الأمر الأول: خروجهم في آخر الزمان.
الأمر الثاني: إن خروجهم علامة على قرب قيام الساعة.
الأمر الثالث: إنهم حين يأتي وعد الله بفتح السد يخرجون ويموج بعضهم في بعض حيث يندفعون ويسرعون وينحدرون من كل حدب.