١- قوله تعالى حكاية عما قاله العاص بن وائل لخباب (أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولداً (أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا (، لقد زعم أنه سيكون له مال وولد إذا بعث، وأنه سيوفي خباباً حقه هناك، قال ذلك على سبيل السخرية والاستهزاء من البعث بعد الموت. بيان سبب ذلك أن خباباً قال: "جئت العاصي بن وائل السهمي أتقاضاه حقاً لي عنده، فقال: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: لا حتى تموت ثم تبعث، قال: وإني لميت ثم مبعوث؟ قلت: نعم، قال: إن لي هناك مالا وولدا فأقضيكه. فنزلت هذه الآيات.
وقد سمى الله تعالى هذا غيبا، وأنكر على من زعم أن له مالا وولدا في الآخرة، بأن قال: (أطلع الغيب (أظهر على ما في الغيب وعلم أن له مالا وولدا.
٢- كذلك سمى الله تعالى المستقبل غيبا لا يعلمه سواه، فقال لملائكته (إني أعلم ما لا تعلمون (، وذلك أنهم لما أخبرهم الله تعالى بأنه (جاعل في الأرض خليفة (قالوا: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك (، فأخبرهم الله تعالى بأنه هو وحده يعلم ما سيكون وهم لا يعلمون من ذلك شيئاً، ثم إنه تعالى لما خلق آدم علمه الأسماء كلها، ثم عرض على الملائكة تلك المسميات، فسألهم عن أسمائها فلم يعلموا هنالك أمر الله آدم أن يعلمهم ما لم يعلموا. حيث قال تعالى في ذلك كلها (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين (قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم (قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ((١) .
وهذا دليل آخر على أن ما سيقع في المستقبل من الأحداث في عالم الشهادة غيب انفرد الله بعلمه سبحانه وتعالى.