إن الحوادث المستقبلة لا يعلم ميعادها وحقيقتها وصورتها وحجمها وكل ما يتعلق بها إلا رب العالمين. ومن زعم أن أحدا من الخلق يعلم ما يستقبل من الأمور فقد كذب على الله وكذب برسول الله (. وقد زعم بعض المفتونين أن حوادث معينة ستقع في سنة معينة وشهر معين، فلم يحدث من ذلك شيء. مع مضي تلك السنة وذلك الشهر. ومنذ بضع سنوات سرت إشاعات زعم أصحابها أن صيحة ستحدث ليلة الجمعة في النصف من شهر رمضان، فصدق بذلك بعض العوام وحدثت بلبلة للأفكار، وقلق وفزع، فانبرى أهل البصيرة لبيان زيف تلك الدعوى وعدم صحة الحديث الذي بنيت عليه تلك الأوهام، فجاء اليوم الموعد الذي ترقب الجهال أن تحدث فيه تلك الصيحة ولم يحدث شيء، ثم في هذه السنة أعادوا الكرة على نطاق أوسع ومستوى أعلى وأرفع فيما أطلق عليه عام ألفين، ووقوع حوادث في الليلة الأولى منه، وقيام الساعة فيه، ولكنهم خسئوا وخابوا فلم يحدث من ذلك شيء. وعلى المسلم الحريص على دينه وسلامة عقيدته، وحسن تصديقه، لما بلغه عن الله تعالى ورسوله، ألا يركن إلى ما يشيعه أعداء الإسلام، والجاهلون من أبنائه، ومدعوا العلم ممن لم يؤتوا العلم بمنهج أهل العلم الصحيح من سلف هذه الأمة، وأن لا يندفع نحو كل صارخ وناعق، فكتاب الله تعالى وسنة رسوله (هما مصدر العلم الصحيح، والعقيدة الصافية، فيلتزم المسلم بها مستنيرا في فهمها بأقوال العلماء الربانيين من أهل السنة والجماعة) .
وأسأل الله تعالى العظيم، رب العرش الكريم، أن يهدينا إلى الحق ويثبتنا عليه اعتقادا وقولا وعملا، وأن يميتنا على ذلك بمنه وكرمه وإحسانه إنه سميع مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الحواشي والتعليقات
سورة إبراهيم: ٤.
رواه البخاري/كتاب الإيمان/ باب فضل من استبرأ لدينه، ومسلم/كتاب المساقاة/باب أخذ الحلال وترك الشبهات.