للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ إنهم بنوا كلامهم عن الباري تبارك وتعالى على النظر في مخلوقاته مما يحيط بهم ويرونه ويشاهدونه، وهذا ليس كافياً في إعطاء العلم الصحيح الكامل بالله عز وجل لأن مخلوقاته تدل على أشياء عامة وليس أشياء دقيقة كما راحوا يحاولون أن يقرروا ويثبتوا.

٣ إنهم استخدموا في كلامهم عن الله (قياس الغائب على الشاهد قياس تمثيل وقياس شمول، وكل ذلك باطل بالنسبة لله (،لأن قياس التمثيل قياس يستوي فيه الأصل والفرع، وقياس الشمول يستوي فيه الأفراد تحت حكم واحد (١) ، وإذا كان الفلاسفة يرون أن الله لا يشبهه أحد فقياسهم فاسد وموصل لفساد، لأنهم به: إما أن يجعلوه شبيهاً لغيره، بناءً على قياس التمثيل، أو يجعلوه محكوماً بقاعدة واحدة هو وأفراد من جنسه، بناءً على قياس الشمول، أو ينفوا وجوده، بناءً على الغلو في نفي المشابهة.

وهذا كله باطل والأولى من ذلك استعمال قياس الأولى وهو أن ما كان كمالاً في المخلوق فالخالق واهبه فهو أولى به، وما كان من نقص فالخالق منزه عنه لكماله وجلاله (٢) .

٤ إنهم لم يقفوا في نظرهم ومحاولتهم التعرف على خالق هذا الكون على النظر إلى المخلوقات الظاهرة أمام أعينهم فيهديهم ذلك إلى كمال وجلال موجدها وخالقها، وإنما راحوا يبحثون في أصل مادة الكون وعلة وجوده ومباحث أخرى هي تبع لذلك مبنية على الظن والتخمين وبنوا على ذلك الخرص والتخمين وصف الله (ومعرفته، مع أن معرفة أصل الأشياء ومادتها الأولية فيه صعوبة بل عسر، أما مابعد عنا كالكواكب والسموات وما غاب عنا من المخلوقات فمعرفة أصل مادته أقرب إلى المستحيل، فيكون إدراج ذلك كله في قضية واحدة مع المشاهد المحسوس من الخلق خلفاً وخطأً كبيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>