للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما أن يزعموا أنهم مؤمنون مع بقائهم على هذه المقالة ثم يحاولوا أن يجدوا مخارج لما ادعوا بالتلفيق بين الشرع والفلسفة بدعوى التأويل، فهذا باطل لأن صراحة دلالة القرآن على إثبات الصفات ووضوحها يمنع كل تأويل ويبطله.

٣ إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد أخبروا بواسطة الوحي عن الله (فهم مبلغون عمن يخبر عن نفسه بما أخبر وعلَّم من صفاته وأفعاله مع كمال صدق الأنبياء عليهم السلام ونصحهم وعصمتهم من الخطأ في التبليغ.

أما الفلاسفة فقد أخبروا عن الله (بعقولهم ونظرهم فيما لم يروه ولم يرو شبيهاً له، وأخبروا بمقولات ناقصة ومتناقضة، وهم في الأصل يعتريهم ما يعتري البشر من النقص في العلم والخطأ والسهو وما إلى ذلك، وقد ثبت خطؤهم في الأمور الدنيوية حتى أنه ما يكاد يأتي تلميذ إلا وينقض كلام شيخه أو يزيد عليه أو ينقص، فخطؤهم فيما لم يشاهدوه أكبر وأعظم، فمن هنا من قدم قول الفلاسفة على قول الأنبياء عليهم السلام في الله (فقد ترك الصدق وأخذ بالكذب وترك اليقين وأخذ بالخرص والظن والتخمين.

٤ إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد وصفوا الله (بكل صفات الكمال والجمال والجلال فهم يصرحون بوضوح بأن الله تبارك وتعالى واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد وأنه لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا مثيل له في أسمائه وصفاته، وأن صفاته لعظمتها وجلالها لا يمكن لبشر أن يحيط بها علماً أو يقدرها بقدر فالله أكبر من كل شيء وأعظم من كل شيء.

والفلاسفة يصرحون بوضوح أن الله لا ذات له ولا صفات ولا فعل ولا خلق ولا حق، فهو عديم الذات عديم الفعل، فقير لا حول له ولا طول، ولا تدبير ولا تصرف، تعالى الله عن قولهم.

ولا شك أن العقل والنفس إنما يرتاح لقول الأنبياء المتضمن تعظيم الله وإجلاله.

أما القول الثاني فهو مرفوض عقلاً لما فيه من تنقص الله (ونفي وجوده حقيقة كما يتضمن نفي فعله وحقه جل وعلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>