للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما وحدة الوجود فتعني أن الله تعالى عن قولهم هو هذا الوجود من حولنا، وأن كل واحد من المخلوقات مظهر من مظاهر ذلك الوجود كما سيأتي.

وكان من أكبر من أظهر هذ الزندقة محيي الدين بن عربي الحاتمي الطائي (١) الذي قال في كتابه الفتوحات المكية:

الرب حق والعبد حق

ياليت شعري من المكلف

إن قلت عبد فذاك رب

أو قلت رب فأنى يكلف

ومن تلامذته الزنديق الآخر عمر بن علي الحموي المصري (٢) الملقب بابن الفارض وهو صاحب التائية المشهورة، ومنها قوله:

وأ شهد أنها لي صلت

لها صلاتي بالمقام أقيمها

حقيقة الجمع في كل سجدة

كلانا مصل عا بد سا جد إلى

صلاتي لغيري في أدا كل ركعة

وما كان لي صلى سواي فلم تكن

ولا فرق بل ذاتي لذاتي أحبت

وما زلت إياها وإياي لم تزل

وذاتي بذاتي إذا تحلت تجلت (٣)

ففي الصحو بعد المحو لم أك غيرها

فهذا الكفر والزندقة هو الذي آل إليه أمر بعض كبارالصوفية المتأخرين، وهو كفر ظاهر، بل هو أشد كفراً من كفر اليهود والنصارى. وتجد بعض الصوفية الذين يمجدون ابن عربي وابن الفارض وغيرهم، وقد يرددون كلامهم، إذا خشي من الناس فإنه سيعتذر عنهم بأنهم لم يقصدوا ما قالوا.

ونحن نقول: لئن لم يكن ذلك القول وتلك التصورات كفراً فلا يوجد في الدنيا في الحقيقة كفر، لأن هؤلاء قد نطقوا بما هو أشد من كفر اليهود والنصارى والمشركين، وكثير من الكتاب يشير إلى أن وحدة الوجود هي غاية أكثر المتصوفة التي يسعون إليها، ويرمزون للحديث عنها بألفاظ تشكل على من كان من غير طريقتهم ومنهجهم، وأن مقصدهم في جميع رياضاتهم الوصول إلى هذه الغاية وهي وحدة الوجود أو وحدة الشهود (٤) .

ونرى ابن الفارض الذي يسميه الصوفية العاشق الإلهي يخاطب في أبياته السابقة الذات الإلهية خطاب الأنثى،ومثله شيخه ابن عربي في هذا الانحلال والزندقة،فيقول أخزاه الله بعد فلسفة فارغة في ظهور الله (بشكل المرأة:

<<  <  ج: ص:  >  >>