ينمو الفرد بيولوجياً سواءً عاش داخل مجتمع إنساني أو معزولاً عنه. لكن شخصية الفرد وتميزه وتكامل تلك الشخصية الإنسانية لا تتم ولا تنمو إلا في إطار إجتماعي إنساني، لذا يحق لنا أن نقول أنه لا شخصية للفرد بدون مجتمع ولا مجتمع بدون ثقافة، فالثقافة إذن هي الوسط الذي تنمو فيه شخصية الفرد، بمعنى أنها الوسيلة التي تُشكل أفكار الفرد، ومعتقداته، وخبراته، ودوافعه، وطرق تعبيره وإنفعالاته، كما أن الثقافة هي التي تحدد له المعايير والقيم التي يسترشد بها في سلوكه، وتفرض عليه العادات والتقاليد التي يتمسك بها، ومن هنا يؤكد علماء الإجتماع أن طابع الشخصية له علاقة وثيقة بنمط الثقافة الذي تعيش فيه هذه الشخصية، ومن هنا أمكن أن نقول إن شخصية الفرد صورة للثقافة التي نشأ فيها.
أهمية الثقافة للمجتمع:
يقول أحد الكتاب المسلمين في شأن هذه الأهمية للثقافة بالنسبة للمجتمع (إن هناك من يعتقد أن ثقافة المجتمع تتكون من مجموع ثقافات أفراده، وآخرون يعتقدون أن الفرد ليس إلا وحدة من تلك الوحدات العديدة التي تشكل فيها ثقافة المجتمع، وأياً كان الأمر فإن إمتلاك أفراد المجتمع لثقافة مشتركة أمر حيوي لشعور أعضاء هذا المجتمع بالوحدة وتسهيل سبل المعيشة والعمل المشترك، فالثقافة تحقق للمجتمع مجموعة من الوظائف الحيوية التي تُمكنه من تحقيق أهدافه المنشودة وثقافة المجتمع ترادف الشخصية القومية التي تحدد السمات العامة للأنماط السلوكية)(١) .
(وبهذا تختلف الشعوب عن بعضها وهذا الإختلاف يعزى في أساسه إلى إختلاف العقيدة والتقاليد والقيم والإتجاهات الفكرية ومجموعة المعاني والرموز التي تسود ثقافة المجتمع، فالشخصية القومية هي التي تستمد مقوماتها من خلال تربية المجتمع لأبنائه تربية يتشرب بها الصغار من الكبار الأنماط الثقافية المختلفة.