للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدير بنا ونحن نتكلم عن مفهوم الثقافة الإسلامية أن نتطرق للحضارة من وجهة النظر الإسلامية فإن هذا المفهوم للحضارة قد يختلف في بعض جوانبه عن مفهومها الذي قدمنا طرفاً منه في هذا الفصل. فذلك المفهوم مفهوم عام في مختلف الثقافات أما مفهومها في ثقافتنا الإسلامية (فإن الجانب التطبيقي فيها ترجمة عملية وواقعية صحيحة للجانب المعياري مع إستخدام كل معطيات الإنسان والزمان والمكان وعندها تكون الحضارة وتوجد إذ أن الحضارة هي عمارة الأرض وترقية الحياة على ظهرها إنسانياً وخلقياً وعلمياً وأدبياً وفنياً وإجتماعياً وفق منهج الله وشريعته) (١) .

(وبناءً على هذا المفهوم فإن المجتمع الإسلامي هو المجتمع المتحضر أما المجتمعات الأخرى التي تنكر وجود الله أصلاً، أو تجعل له ملكوت السموات وتعزل عنه ملكوت الأرض، أو لا تطبق شريعته في نظام الحياة ولا تحكم منهجه في حياة البشر، فهذه كلها مجتمعات جاهلية أو متخلفة) (٢) لأنها لا تدخل في دين الله الذي حدده سبحانه وتعالى في قوله (إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم) (٣) وقد أقسم سبحانه وتعالى بنفسه كما يقول ابن القيم على نفي الإيمان عن العباد حتى يُحَكموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما شجر بينهم، ولم يكتف بذلك منهم حتى يسلموا تسليماً (٤) قال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يُحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) (٥) .

إن من أبرز سمات الحضارة في التصور الإسلامي هي كما يقول الأستاذ محمد أسد (ذاتية الحضارة الإسلامية) (٦) فالحضارة الإسلامية ليست ثمرة تقاليد متوارثة ولا نتيجة تطويرات فكرية آتية من الماضي وإنما هي إنبعاث ذاتي مباشر من القرآن الكريم ومن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن تطبيقها تطبيقاً عملياً صحيحاً في واقع الحياة.

أصول الحضارة في التصور الإسلامي

<<  <  ج: ص:  >  >>