للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيظهر من هذا العرض الموجز أن موارد ابن عائذ كانت على درجة من الأهمية؛ حيث توفُّر الإسناد، والعدالة والصدق في الشيوخ على وجه العموم، وقرب العهد من الأحداث، والرواية عن شهود العيان، والمعاصرة للأحداث.

القيمة العلمية للكتاب:

تكمن القيمة العلمية لهذا النص المستخرج لكتاب (الصوائف) في أن نص الكتاب الأصلي لا زال مفقوداً، وأن المكتبة التاريخية في أمس الحاجة لمادة علمية عن مثل هذا النوع من النشاط الحربي المتمثل في الجهاد في سبيل الله تعالى لتلك الأمم القوية المجاورة للمسلمين في بلاد الشام والجزيرة والتي ظلت تتحرش بهم من حين لآخر، متحينة الفرص لغزوهم في أوقات ضعفهم أو انشغالهم بأزماتهم الداخلية؛ حيث لا نجد في المصادر الأصلية الإسلامية الموجودة بين أيدينا مادة تشبه مادة هذا الكتاب في شمولها ولا في دقة تفصيلاتها في بعض الأحداث، ولا في اعتمادها في النقل عن مصادر قريبة من الحدث في هذا الميدان من النشاط الحربي.

ونصوص الكتاب تكشف عن مدى الوعي الجهادي الذي كانت تعيشه الأمة الإسلامية في جميع مستوياتها؛ على مستوى القيادة، ابتداء من عصر الراشدين، ومروراً بالعصر الأموي، وانتهاء بالعصر العباسي الأول، وعلى مستوى الأمة جماعة وأفراداً،كما يظهر ذلك جلياً في ثنايا تلك النصوص.

كما أن قيام العلامة ابن عساكر بنقل نصوص وروايات كثيرة جداً من كتاب الصوائف لابن عائذ في كتابه تاريخ دمشق بأسانيده يعبر عن القيمة العلمية لهذا الكتاب ومؤلفه، ويعطي انطباعاً عن مدى وثوقه بمروياته في هذا الباب الفريد.

ويلاحظ من خلال مادة هذا الكتاب ونصوصه أنها ذات اتصال وثيق ببلاد الشام وأحداثها وعلاقاتها الحربية مع جيرانها البيزنطيين، فكأنها رصد لتاريخ الشام الحربي مع الروم خاصة في العصر الأموي، من واقع إسهامات الشام الواضحة والجلية في حملات الصوائف والشواتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>