للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣] محمد بن عائذ القرشي، قال: قال الوليد: حدثنا غير واحد ممن سمع هشام بن حسان (١) أن محمد بن سيرين (٢) حدثه، أن عمير بن سعد كان يعجب عمر بن الخطاب، فكان من عجبه به يسميه (نسيج وحده) ، وبعثه مرة على جيش من قبل الشام، فقدم مرة وافداً، فقال يا أمير المؤمنين: إن بيننا وبين عدونا مدينة يقال لها غرب السوس يطلعون عدونا على عوراتنا ويفعلون ويفعلون، فقال عمر: إذا أتيتهم فخيرهم بين أن ينقلوا من مدينتهم إلى كذا وكذا، وتعطيهم مكان كل شاة شاتين، ومكان كل بقرة بقرتين، ومكان كل شيء شيئين، فإن فعلوا فأعطهم ذلك، وإن أبوا فانبذ إليهم، ثم أجلهم سنة، فقال: يا أمير المؤمنين، اكتب لي عهدك بذلك، فكتب له عهده، فأرسل إليهم فعرض عليهم ما أمره به أمير المؤمنين، فأبوا فأجلهم سنة، ثم نابذهم، فقيل لعمر: إن عمير قد خرب غرب السوس وفعل وفعل، فتغيظ عليه عمر. ثم إنه قدم بعد ذلك وافداً ومعه رهط من أصحابه، فلما قدم عليه علاه بالدرة؛ خرَّبت غرب السوس، وهو ساكت لا يقول له شيئاً، ثم قال لأصحابه: مبرنسين؛ مبرنسين! ضعوا برانسكم (٣) ، فقال عمير: ضعوا برانسكم ثكلتكم أمهاتكم، إنكم والله ما أنتم بهم، فوضعوا برانسهم، فقال عمر: معممين؛ معممين! ضعوا عمائمكم (٤) ، فقال عمير: ضعوا عمائمكم، فإنا والله ما نحن بهم، فقال: مكممين؛ مكممين! ضعوا أكمامكم (٥) ، فقال عمير: ضعوا أكمامكم ثكلتكم أمهاتكم، فإنا والله ما نحن بهم، قال: فوضعوا أكمامهم، فإذا عليهم جِمَام (٦) ، فقال عمر: أما والله الذي لا إله إلا هو لو وجدتكم محلقين لرفعت بكم الحشب (٧) . ثم إن عمر دخل على أهله، فاستأذن عليه عمير فدخل، فقال يا أمير المؤمنين: أقرأ إلي عهدك في غرب السوس، فقال عمر رحمك الله، فهلا قلت لي وأنا أضربك، فقال: كرهت أن أوبخك يا أمير المؤمنين، فقال عمر: غفر الله لك، ولكن غيرك لو كان

<<  <  ج: ص:  >  >>