فبينا هو كذلك إذ أتاه بقناطر في جماعة من أهل بيته فقتله، وقتل صاحبيه، وغلق باب المدينة، وأخرج من في الحبس، ثم قعد في مركبين من مراكب الصناعة، وأخذ ناساً من يهود وانطلق بهم حتى أتى بهم صاحب الروم، فبينا هو يسير في مركبه إذ لقيه مركبان للمسلمين، كان صاحب البحر وجههما من عكا (١) إلى قبرص (٢) ، ليأتياه بالخبر، فلما رآهما بقناطر عرف صاحبي المركبين من المسلمين، وهما من بعلبك، يقال لأحدهما: قابوس، والآخر سابور، فقالا: أين بقناطر؟ فقال: أرسلني أمير المؤمنين إلى الطاغية، أعليكما له طاعة؟ قالا له: نعم، قال: فإنه قد أمرني أن أتوجه بكم معي في أمره، وأراهما كتاباً كتبه عليه طائع، فخرجا من مركبيهما حتى قعدا معه في مركبه، وأمر أهل مركبهما بالمضي، فمضوا، فأوثقهما، حتى أتى بهما ملك الروم، فقبل منه ملك الروم وعفا عنه، وصير الرجلين عند بطريق من بطارقة الروم، حتى جلس ملك الروم يوماً ينظر إلى شماس من أهل بعلبك هرب إليهم، يقلب بسيفه يعجبه، وقد كان قابوس سايفه ببعلبك، فقال قابوس: إن رأى الملك أن يأذن لي في مسايفته فعل، فأذن له، فلما تقدم إليه قال له قابوس: اربط في رأسك يا شماس صوفاً من ألوان، ففعل، فجعل قابوس يسايفه، يتطاير ألوان الصوف من رأسه، والشماس لا يبصر، حتى قال: خذها مني وأنا قابوس، قال