المقابل فحفروا خندقاً لهم، وبنوا دون الخندق حائطاً يسترهم من النشاب والمجانيق، فقاموا خلفه، ودنت طائفة بالدبابات حتى لصقوا ببرجها الشرقي، فنقبوا وغلقوه، فوافى نقبهم دواميس من عمل الروم تحت المدينة يدخل بعضها الى بعض لا منفذ لها الى المدينة، فتحيروا فتركوه، وأقبل عبد الرحمن بن سليم الكلبي (١) من بيروت، وكان والياً على جماعة ساحل دمشق، بالخيول مغيثاً فوافى الذين على العقبة، فمنعوه من الإجازة، وأقبل أهل حمص في ستة آلاف، عليهم الصقر بن صفوان، حتى نزلوا مرج السلسلة، ووافى جماعة من الروم على عقبة السلسلة، وخرجت طائفة من الروم إلى كنيسة أطرابلس إلى خارج منها، ليصلوا فيها، فمروا بكنيسة اليهود، فحرقوها، فلما رأى ذلك الذي على عقبة وجه الحجر من النار أقبلوا على أصحابهم، وخلوا العقبة، حتى اتوا أصحابهم، وقد أسروا أهل المدينة بطريقاً يناسب طاغيتهم فهو في أيديهم، فأعظموا ذلك، وبعث عبد الرحمن الكلبي حين اجتاز العقبة سعيد الحرشي (٢) وكان ديوانه يومئذ بدمشق إلى أهل أطرابلس يعلمهم مجيئهم، فأشرف على نشز من الأرض، فرآه أهل المدينة، فأومأ إليهم بفتح باب المدينة، وشد على صف الروم فخرقه، ودخل المدينة، فبشرهم بعبد الرحمن بن سليم ومن معه، وبعث الروم إلى عبد الرحمن ألا نجيزك إلى المدينة، على ان ترد إلينا صاحبنا، ونرحل عنك، قال: ففعل، على أن لا يغيروا على شيء من أرض المسلمين في عامهم هذا، فرحلوا ومضوا (٣) .