قال: أخبرني الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن المبارك: أنه أخبره، عن بعض مشايخ أهل الشام: أن عباساً لما استأخر عنه النصر، ورأى من ثبات الروم ما رأى، قال: يا ابن محيريز (١) ، أين الذين كانوا يلتمسون الشهادة؟ نادهم يأتوك، قال: يا أهل القرآن، يا أهل القرآن، فأتوه سراعاً، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وهزم الله الطاغية وجماعة من كان معه.
قال: ونا الوليد، قال: فأخبرني شيخ من الجند، عن شيخ من آل مسلمة شهد ذلك: أن العباس استأذن مسلمة أن يشد عليهم بجنده من أهل حمص ومن انتدب معه، فكان من هزيمتهم ما كان، ومضى العباس في طلبهم، حتى لقي الطاغية معه البطارقة وأبناء ملوكهم، وهو يسير في قباب الريحان، يجرها العجل، فشد عليهم، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وقتل جماعة من المسلمين؛ منهم: أبو الأبيض العنسي (٢) ، ثم إن الله هزمهم، وقتل منهم بضعة وثلاثين ألفاً وأسر أبناء الملوك والبطارقة، فأقبل بهم حتى أتى بهم مسلمة وجماعة المسلمين، فأوقفوهم على أهل الطوانة بعد ذلك، ففتّ في أعضادهم، وكان سبب فتحها، لانسلاخ ثمان وثمانين. فبلغ سهام المسلمين مائة دينار مائة.