[٧٦] محمد بن عائذ، نا الوليد بن مسلم، قال: فحدثني بعض شيوخنا: أن مسلمة بن عبد الملك عقد للبطال على عشرة آلاف من المسلمين فجعلهم سيارة فيما بين عسكر المسلمين وما يليهم من حصون الروم ومن يتخوفون اعتراضه في سير المسلمين وعلاقاتهم، ويخرج المسلمون يتعلفون فيما بينهم وبين العسكر، فيصيبون ويخطئون، فيأمن بهم العسكر وتلك العلافات (١) .
[٧٧] ابن عائذ، نا الوليد، قال: وأخبرني غير واحد، قالوا: لما قطع مسلمة (٢) الدربَ، وأفضى إلى ضواحي أرض الروم، أتاه كتاب ليون بن قسطنطين - وهو عامل لصاحب القسطنطينية على الضواحي - إلى مسلمة يعلمه ولاية من يلي، وأنه إن أعطاه ما يسأله قدم عليه فناصحه وقواه على فتحها، فقرأ مسلمة كتاب إليون على الأمراء وأهل مشورته، فاجتمع رأيهم جميعاً على إجابته إلى ما سأل، وسكت مسلمة بن حبيب بن مسلمة (٣) - وهو أمير جند دمشق - فقال مسلمة بن عبد الملك: أيها الشيخ مالكَ لا تتكلم؟ فقال: إن رسول الله (ذكر الروم، فقال: أصحاب صحر ونحر ومكر، وهذه إحدى مكرهم، فلا تعطه إلا السيف، فتضاحك به أمراء الأجناد، وقالوا: كبر الشيخ، وقالوا: ما عسى أن يكون عند ليون مع هذه الجموع؟! فكتب إليه مسلمة بأمانه على ما سأل، فقدم في اثني عشر ألفاً من أساورته، فكاتبه على مناصحته ومظاهرته على الروم، ودلالته على ما فيه سبب فتح القسطنطينية، على بطرقته وتمليكه على جماعة الروم الذين يؤدون الجزية؛ كبطريق جرزان (٤) ، وأرمينية، فكاتبه على ذلك وأشهد عليه، وذكر الحديث في خديعة ليون مسلمةَ، حتى جمع غلال ما حول القسطنطينية وإشارته عليه بالخروج إلى بعض الوجوه، ومكاتبة ليون الروم ليملكوه عليهم ويخلي بينهم وبين حمل الغلال، حتى كان ذلك سبب رحيل مسلمة عن القسطنطينية (٥) .