للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٨٠] محمد بن عائذ، عن الوليد، قال: فحدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: أن مسلمة أرسل البطال (١) ، وأبا زرعة اللخمي، وسمى ابن جابر آخر، إلى ليون - يعني المتملك على الروم - أين ما كنت عاهدت الله عليه من النصيحة لنا وإدخالنا إياها؟ فأذن لهم، فدخلوا عليه، فعرفهم، فقال: لئن ظن مسلمة أني أبيع ملك الروم بالوفاء له لبئس ما ظن، وقد رأيت أن أفي له بما يستقيم؛ أصنع له طعاماً وحماماً، فيدخل هو ومن أحب من أصحابه الحمام، ويصيب الطعام، ثم ينصرف راشداً، فقال: إن هذا لغير كائن، وإنا لنقول: إن الله قد أحاط بكم، ولسنا نبرح دون صغار الجزية، أو يدخلناها الله عنوة، فقال: إن دون ذلك لصغاراً وقتالاً شديداً، وكم عسى أن تصبروا؟ فقالوا: نصبر، ولا بد لطعامك الذي عددت فيه أن يعفن، فقال: أو ما ترى كيف دبرته؟ لم أدخله بيتاً ولا هُرِّياً مخافة عليه، فأما هذه السنة فنطحن ما طحنا ونأكل ما أكلنا ويفسد منه ما فسد، وإذا كان قابل أمرت به فطحن من آخره، أكلنا منه ما أكلنا ويفسد منه ما فسد، فإذا كان العام الثالث أمرنا فخبز خبز القرابين فأكلناه حتى نأتي على آخره، فهذا إلى ثلاث سنين ما قد كان أمر يحول بينكم وبين ما تريدون، ودعا بغدائه، فغداهم من كل الألوان، وآتاهم من كل الطرائف، ثم أقبل عليهم، ثم قال: نحن فيما تقولون من الحصار والأزْل (٢) نأكل مما ترون، فادعوا بما شئتم وتشهوا علينا، فقال البطال: أمر يسير عليك خفيف مؤنته؛ تدعو لنا به، قال: ما هو؟ قال: كفاً من تراب من خلف الخندق، فقطب، وغضب، وأمر بهم فخرجوا، وأتوا مسلمة بمقالته (٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>