للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٨٥] قال محمد بن عائذ: قال الوليد: وقد كنت سمعت عبد الرحمن بن يزيد بن جابر يذكر: أن نفراً من أهل دمشق كان يسميهم بأسمائهم، فيهم رجل كنيته أبو كَرِب، كان أصاب دماً بالعراق، فاستفتى جماعة من الفقهاء، فاجتمع قولهم: أنهم لا يعرفون وجهاً إذا لم يعرف ولي الدم إلا إن يجاهد في سبيل الله حتى يقتل. فلم تزل تلك حاله؛ يغزو، ويطلب القتل في الله، حتى خرج هؤلاء النفر وساروا، حتى إذا كانوا في بعض طريقهم، خرج خارج منهم ليأتي بعنب، فإذا بقبة ذهب، عليها جلال أخضر حرير، وإذا فيها حوراء، كان يخبر عما رأى من حسنها، فقالت: إلي، فأنا زوجتك، وأنت قادم علينا يوم كذا، ومعك فلان وفلان، وسمت أولئك النفر، فانصرف الرجل، ولم يأت بعنب، وأخبرهم بما رأى، فكتب وصيته، وكتبوا، وكان مع شراحيل بن عبيدة وأصحابه، فكان من مصيبتهم ما كان، ثم أمر بانصراف الناس الى المرج الذي رجعت إليهم فيه برجان، فاقتتلوا قتالاً شديداً، فقتل هؤلاء النفر جميعاً، فيهم أبو كرب، وأرسلت برجان النار على ذلك المرج وعلى قتلى المسلمين، فحرقت ما حرقت، وانتهت إلى أبي كرب وأصحابه فأطافت بهم، ولم تأكل النار منهم أحداً (١) .

[٨٦] ابن عائذ، قال: قال الوليد: فحدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: فلم يزل سليمان بن عبد الملك معسكراً بدابق، ولا يريد القفول دون أن يفتح يعني القسطنطينية، أو تؤدى الجزية، فشتا بدابق شتاء بعد شتاء، إذ ركب ذات عشية من يوم جمعة، فمر بالتل الذي يقال - قال الشيخ: رأيت في نسخة غيري يقال له - تل سليمان اليوم، فالتفت، فإذا بقبر ندي، فقال: من صاحب هذا القبر؟ قالوا قبر ابن مسافع القرشي المكي، فقال: يا ويحه! لقد أمسى قبره بدار غربة. قال ابن جابر: ويمرض، ويموت، ويدفن إلى جانب قبر عبد الله بن مسافع؛ الجهة التي تليه أو الثانية (٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>