متى ترددت أصداء دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية في المغرب؟ ومن حاملو أخبارها وأدبياتها الأول إلى هذا القطر النائي عن مكان ظهورها؟ أكانوا من المغاربة أنفسهم؟ أم كانوا من أهل الجزيرة؟ وهل كانوا من أشياعهم أو كانوا من المناهضين لها؟
بالنظر إلى ما نتوفر عليه من معلومات مستقاة من كتب التاريخ والتراجم ومن نصوص وثائق ورسائل تتعلق بالدعوة، يمكن القول بأن وصول أخبار هذه الدعوة وأدبياتها إلى المغرب تم على مراحل، كانت بواكيرها، فيما نقدر، في العقود الأولى من النص الثاني من القرن الثامن عشر، أي بعد نشأة الدعوة بعقدين أو يزيد قليلاً، وكانت أواخرها في العقد السابع من القرن التاسع عشر، وهو العقد الذي وصل فيه إلى المغرب أبو الحسن علي بن طاهر الوتري المدني، وألف، خلاله، رسالته في نقد الدعوة.
ويمكن تصنيف المراحل آنفة الذكر على النحو التالي:
١ - مرحلة الرواية الشفوية.
وقد تزامنت مع عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله (١١٧١ - ١٢٠٤ هـ / ١٧٥٧ - ١٧٩٠ م) . ومع أن الدعوة لم تستطع أن تغادر مهدها إلا بعد فترة غير قصيرة من ميلادها إلا أن ذلك لم يكن ليحول دون تسرب أخبارها ومقولاتها إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة في مواسم الحج. ومع أن رحلات الحج المغربية المكتوبة في تلك الفترة يلوذ بعضها بالصمت إزاء الدعوة الجديدة، ويكتفي بعضها بالإشارة السريعة إليها فإن هذا ليس يمنع أن يكون غير أصحاب الرحلات المدونة من الحجاج نقلوا بالرواية الشفوية بعض أخبار الدعوة وبعض مقولاتها وتحدثوا بهذه وتلك بعد عودتهم إلى بلدانهم. ولعلنا أن نستأنس في دعم هذا بما عرف عن سلطان المغرب يومئذ سيدي محمد بن عبد الله من تعلق بالعقيدة الحنبلية حمله على مهاجمة كتب الأشاعرة ومحاربة بعض الزوايا.