الحمد لله ولا نعبد إلاّ إياه مخلصين له الدين. أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، رب السموات ورب الأرض رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيّدنا محمداً عبده ورسوله اللهم صلّ وسلّم وبارك عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين وأصحابه الغرّ الميامين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
فمن المشاهد في عالم اليوم أن الجهود المتلاحقة التي تبذل على المستوى الدولي بغرض تحقيق مزيد من التنمية الاقتصادية بالمفهوم المادّي يصاحبها في الغالب نوعاً من التفكك في العلاقات الإنسانية بين سكان الدول المختلفة؛ بل وبين أفراد المجتمع الواحد والأسرة الواحدة. فعلى المستوى الدولي نجد أن هناك دولاً تفككت ونشب الصراع بينها كما حدث في الاتحاد السوفيتي سابقاً ودول شرق أوروبا، كما أن هناك صراعات مستمرة بين الدول المتجاورة سواء أكان هذا في آسيا أو إفريقيا أو أوروبا أو أمريكا. وكذلك على مستوى الدولة الواحدة نجد صراعاً بين الفصائل المختلفة، لدرجة قد تصل إلى حد نشوب القتال فيما بينهم
ويحدث هذا حتى في الدول المتقدمة مادّياً كما هو الحال في بريطانيا وإيطاليا واليابان، وإلى عهد قريب في الولايات المتحدة الأمريكيّة. كما نسمع عن تزايد موجات العنف بين أبناء البلد الواحد في الشارع والمدرسة وغيرها خاصة في الدول المتقدمة ماديّاً. ويكشف هذا عن تصدع كبير في العلاقات الإنسانية بين البشر. ففي بريطانيا تشير الإحصاءات إلى وجود ثلاث مليون قطعة سلاح في أيدي الأفراد مهرّبة بصورة غير مشروعة، كما تشير إلى أنّ ثلث الصغار بين سن ١٥ إلى ٢٥ سنة من الذين ارتكبوا جرائم كان لديهم أسلحة (١) .