اهتمت جميع مفاهيم التنمية السابقة بأمور مادية في حياة الإنسان، ولكنها لم تتطرق للجانب الروحي من حياته، فأهملت الجانب الديني في برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية. واعتمدت على مبدأ الحرية الفردية لتحقيق الرفاهة الاقتصادية والاجتماعية، وترتب على ذلك ظهور انحرافات وسلوكيات وأفعال إجرامية من بعض الأفراد في المجتمعات الغربية، وحدوث الصراعات بين رجال الأعمال والعمال، والحكومات والعمال أيضاً (١) . ولذلك فإن التنمية في مفهوم الاقتصاد الإسلامي تشمل بالإضافة إلى المفاهيم السابقة الجانب الروحي والإيماني في حياة الإنسان. لاسيّما وأنّ الإيمان ينمو ويزداد لدى الإنسان المسلم بالطاعة والتقرب إلى الله كما أنه ينقص ويتضاءل بالمعصية والعياذ بالله. وفي ذلك يقول الرسول (: ((إن الله تعالى قال: من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضت عليه. وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصرهُ الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيتُهُ، ولئن استعاذني لأُعيذنّهُ)) رواه البخاري (٢) . فالتنمية الإيمانية هي التي يتم بمقتضاها تصحيح معتقدات البشر وإصلاحهم وبها تسمو نفوسهم وترتقي سلوكياتهم بحيث يتحولون من وضع يتصفون فيه بصفات وأخلاق ذميمة إلى وضع يتحلّون فيه بالأخلاق الفاضلة الكريمة، بغض النظر عن اختلاف مستوياتهم الماديّة والمعيشيّة، ولكن لاتتم عملية التحول هذه إلاّ بالتمسك بالعقيدة الصحيحة عقيدة التوحيد والإيمان بالله وحده لاشريك له قال الله سبحانه وتعالى:((شهد الله أنه لا إله إلاّ هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم)) [آل عمران / ١٨] .